الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا

                                                                                                                                                                                                                                      الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله كلام مبتدأ سيق لترغيب المؤمنين في القتال وتشجيعهم ببيان كمال قوتهم بإمداد الله تعالى ونصرته وغاية ضعف أعدائهم، أي: المؤمنون إنما يقاتلون في دين الله الحق الموصل لهم إلى الله عز وجل وفي إعلاء كلمته فهو وليهم وناصرهم لا محالة. والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت أي: فيما يوصلهم إلى الشيطان فلا ناصر لهم سواه، والفاء في قوله تعالى: فقاتلوا أولياء الشيطان لبيان استتباع ما قبلها لما بعدها وذكرهم بهذا العنوان للدلالة على أن ذلك نتيجة لقتالهم في سبيل الشيطان والإشعار بأن المؤمنين أولياء الله تعالى لما أن قتالهم في سبيله وكل [ ص: 203 ] ذلك لتأكيد رغبة المؤمنين في القتال وتقوية عزائمهم عليه، فإن ولاية الله تعالى علم في العزة والقوة كما أن ولاية الشيطان مثل في الذلة والضعف كأنه قيل: إذا كان الأمر كذلك فقاتلوا يا أولياء الله أولياء الشيطان، ثم صرح بالتعليل فقيل: إن كيد الشيطان كان ضعيفا أي: في حد ذاته فكيف بالقياس إلى قدرة الله تعالى ، ولم يتعرض لبيان قوة جنابه تعالى إيذانا بظهورها. قالوا: فائدة إدخال "كان" في أمثال هذه المواقع التأكيد ببيان أنه منذ كان كان كذلك فالمعنى: أن كيد الشيطان منذ كان كان موصوفا بالضعف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية