الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              579 [ 303 ] وعن سعد بن أبي وقاص ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا - غفر له ذنبه .

                                                                                              رواه مسلم ( 368 )، وأبو داود ( 525 )، والترمذي ( 210 )، والنسائي ( 2 \ 26 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (3) ومن باب : إذا سمعتم الأذان

                                                                                              قوله " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول " ، حكى الطحاوي أنه اختلف في حكمه ; فقيل واجب ، وقيل مندوب إليه ، والصحيح أنه مندوب ، وهو الذي عليه الجمهور . ثم هل يقوله عند سماع كل مؤذن ؟ أم لأول مؤذن فقط ؟ [ ص: 12 ] واختلف في الحد الذي يحاكى فيه المؤذن ; هل إلى التشهدين الأخيرين ؟ أم لآخر الأذان ؟ فنقل القولان عن مالك ، ولكنه في القول الآخر إذا حيعل المؤذن فيقول السامع لا حول ولا قوة إلا بالله - كما جاء في الأم وكما رواه أبو داود عن معاوية ، واختلف في المصلي : هل يحاكي المؤذن وهو في الصلاة ؟ فقيل : يحاكيه في الفريضة والنافلة ، وقيل : لا يحاكيه فيهما ، وهو مذهب أصحاب أبي حنيفة . وقيل : يحاكيه في النافلة خاصة ، وبه قال الشافعي - والثلاثة الأقوال في مذهبنا . قال المطرز في كتاب " اليواقيت " وفي غيره : إن الأفعال التي أخذت من أسمائها سبعة ; وهي : بسمل إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم ، وسبحل إذا قال سبحان الله ، وحوقل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله ، وحيعل إذا قال حي على الفلاح ، ويجيء على القياس الحيصلة إذا قال حي على الصلاة - ولم يذكره غيره . وحمدل إذا قال الحمد لله ، وهلل إذا قال لا إله إلا الله ، وجعفل إذا قال جعلت فداك . وزاد الثعالبي الطبقلة إذا قال أطال الله بقاءك ، والدمعزة إذا قال أدام الله عزك . قال ابن الأنباري رحمه الله : ومعنى " حي " في كلام العرب هلم وأقبل . قال الشيخ رحمه الله : يقال بلفظ واحد للواحد والجميع ، وهي من أسماء الأفعال ، وفتحت الياء من حي لسكونها وسكون الياء التي قبلها ، كما قالوا ليت . وفيها لغات ; يقال : حي ، وحيهلا ، وحيهلا غير منون ، وحيهل ساكنة اللام ، ومنه قول عبد الله بن مسعود : إذا ذكر الصالحون فحيهلا [ ص: 13 ] بعمر ; أي : فأقبلوا على ذكر عمر ، وقد تقدم ذكر الفلاح . وقيل : قياس المطرز الحيصلة على الحيعلة غير صحيح ، بل الحيعلة تطلق على حي على الفلاح وعلى حي على الصلاة ; وإنما هي من قوله حي على كذا فقط ، ولو كان على قياسه في الحيعلة لكان الذي يقال في حي على الفلاح الحيفلة ، وهذا لم يقل ، والباب مسموع .

                                                                                              وقوله " واسألوا الله لي الوسيلة " قد فسرها في هذا الحديث بأنها منزلة في الجنة ، قال أهل اللغة : الوسيلة المنزلة ، وهي مشتقة من توسل الرجل إذا تقرب .

                                                                                              وقوله " وأرجو أن أكون أنا هو " ، قال هذا - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبان له أنه صاحبها ، إذ قد أخبر أنه يقوم مقاما لا يقومه أحد غيره ويحمد الله بمحامد لم يلهمها أحد غيره ، ولكن مع ذلك فلا بد من الدعاء فيها ; فإن الله تعالى يزيده بكثرة دعاء أمته رفعة كما زاده بصلاتهم ، ثم إنه يرجع ذلك عليهم بنيل الأجور ووجوب شفاعته صلى الله عليه وسلم .

                                                                                              وقوله " حلت " وجبت ، يقال حل يحل وجب ، وحل يحل نزل ، وكأنها لازمة ولم تنفصل عنه ، ولذلك عداه بـ " على " .

                                                                                              [ ص: 14 ] تنبيه : واعلم أن الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة ; وذلك أنه - عليه الصلاة والسلام - بدأ بالأكبرية وهي تتضمن وجود الله تعالى ووجوبه وكماله ، ثم ثنى بالتوحيد ، ثم ثلث برسالة رسوله ، ثم ناداهم لما أراد من طاعته ، ثم ضمن ذلك بالفلاح وهو البقاء الدائم ، فأشعر بأن ثم جزاء ، ثم أعاد ما أعاد توكيدا .




                                                                                              الخدمات العلمية