الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر من كان آخر الناس به عهدا عليه الصلاة والسلام

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الإمام أحمد : ثنا يعقوب ، ثنا أبي ، عن ابن إسحاق حدثني أبي إسحاق بن يسار ، عن مقسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن مولاه عبد الله بن الحارث قال : اعتمرت مع علي في زمان عمر أو زمان عثمان ، فنزل على أخته أم هانئ بنت أبي طالب ، فلما فرغ من عمرته رجع ، فسكب له غسل فاغتسل ، فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق فقالوا : يا [ ص: 147 ] أبا حسن ، جئناك نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه . قال : أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : أجل ، عن ذلك جئنا نسألك . قال : أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن عباس . تفرد به أحمد من هذا الوجه . وقد رواه يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق به مثله سواء ; إلا أنه قال قبله : عن ابن إسحاق قال : كان المغيرة بن شعبة يقول : أخذت خاتمي فألقيته في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقلت حين خرج القوم : إن خاتمي قد سقط في القبر ، وإنما طرحته عمدا ; لأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون آخر الناس عهدا به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق فحدثني والدي إسحاق بن يسار ، عن مقسم ، عن مولاه عن عبد الله بن الحارث قال : اعتمرت مع علي . فذكر ما تقدم ، وهذا الذي ذكر عن المغيرة بن شعبة ، لا يقتضي أنه حصل له ما أمله ، فإنه قد يكون علي رضي الله عنه ، لم يمكنه من النزول في القبر بل أمر غيره فناوله إياه ، وعلى ما تقدم يكون الذي أمره بمناولته له قثم بن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال الواقدي : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : ألقى المغيرة بن شعبة خاتمه في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال علي : إنما ألقيته لتقول : نزلت في قبر النبي صلى الله عليه وسلم . فنزل فأعطاه ، [ ص: 148 ] أو أمر رجلا فأعطاه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال الإمام أحمد : حدثنا بهز وأبو كامل قالا : ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عمران الجوني ، عن أبي عسيب أو أبي عسيم ، قال بهز : إنه شهد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم . قالوا : كيف نصلي عليه ؟ قال : ادخلوا أرسالا أرسالا . فكانوا يدخلون من هذا الباب ، فيصلون عليه ، ثم يخرجون من الباب الآخر . قال : فلما وضع في لحده صلى الله عليه وسلم قال المغيرة : قد بقي من رجليه شيء لم يصلحوه . قالوا : فادخل فأصلحه . فدخل وأدخل يده فمس قدميه ، عليه الصلاة والسلام ، فقال : أهيلوا علي التراب . فأهالوا عليه حتى بلغ أنصاف ساقيه ، ثم خرج ، فكان يقول : أنا أحدثكم عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية