الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والمحفورة ) في الموات ( للتملك أو ) المحفورة بل النابعة بلا حفر ( في ملك يملك ) حافرها ومالك محلها ( ماءها في الأصح ) ؛ لأنه نماء ملكه وإنما جاز لمكتري دار الانتفاع بماء بئرها ؛ لأن عقد الإجارة قد يملك به عين تبعا كاللبن وقضية المعلل منع البيع والتعليل جوازه إلا أن يقال هو ملك ضعيف ملحظه التبعية فقصر على انتفاعه هو بعينه للحاجة فلا يتعدى ذلك لبيعه وهذا هو الوجه ومن ثم أفتيت في مستأجر حمام أراد بيع ماء من بئرها بمنعه لما ذكر ؛ ولأن البيع قد يؤدي لتعطيلها فيضر ذلك بمؤجرها ( وسواء ملكه أم لا لا يلزمه بذل ما فضل عن حاجته ) ولو لزرعه ( لزرع ) وشجر لغيره ، أما على الملك فكسائر المملوكات وأما على مقابله ؛ فلأنه أولى به لسبقه .

                                                                                                                              ( ويجب ) بذل الفاضل عن حاجته الناجزة كما قيد به الماوردي قال الأذرعي : محله إن كان ما يستخلف منه يكفيه لما يطرأ [ ص: 232 ] بلا عوض قبل أخذه في نحو إناء ( لماشية ) إذا كان بقربه كلأ مباح ولم يجد صاحبها ماء آخر مباحا ( على الصحيح ) بأن يمكنه من سقيها منه حيث لم يضر زرعه ولا ماشيته وإلا فمن أخذه أو سوقه إليها حيث لا ضرر على الأوجه للأحاديث في ذلك ولحرمة الروح هذا إن لم يوجد اضطرار وإلا وجب بذله لذي روح محترمة كآدمي وإن احتاجه لماشيته وماشية وإن احتاجه لزرع . وجوز ابن عبد السلام الشرب وسقي الدواب من نحو جدول مملوك لم يضر بمالكه إقامة للإذن العرفي مقام اللفظي ثم توقف فيما إذا كان لنحو يتيم أو وقف عام ثم قال ولا أرى جواز ورود ألف إبل جدولا ماؤه يسير انتهى ، وهذا معلوم من قوله أولا لم يضر بمالكه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وقضية العلل ) أي في قوله وإنما جاز إلخ ( قوله : والتعليل ) أي قوله : ؛ لأن عقد الإجارة إلخ ش ( قوله : أمان يقال هو ملك ضعيف إلخ ) أو يقال إنما يملكه بإتلافه فقبل الإتلاف لا ملك له ليتصور بيعه ( قوله : فقصر على انتفاعه هو بعينه ) قضيته امتناع انتفاع غيره به ولو بإذنه ( قوله : فقصر على انتفاعه هو بعينه ) قد يقتضي هذا أنه لو آجر لآخر لم ينتفع بالماء ذلك الآخر ( قوله : في المتن وسواء ملكه أم لا لا يلزمه بذل ما فضل عن حاجته إلخ ) عبارة الروض فمن حفر بئرا في موات للتملك أي أو في ملكه أو انفجر فيه عين كما صرح بهما الأصل ملكها وملك ماءها إذ الماء يملك لكن يجب بذل الفاضل منه عن شربه لشرب غيره وعن ماشيته وزرعه لماشية غيره إلخ سكتوا عن البذل لنحو طهارة غيره وينبغي أن يجب أيضا لكن هل يقدم عليه شرب ماشيته وزرعه ( قوله : في المتن ويجب لماشية ) قال في شرح الإرشاد : وقضية ما تقرر تقديم حاجة زرعه على [ ص: 232 ] حاجة ماشية غيره المحترمة إن خشي هلاكها وهو محتمل . ا هـ .

                                                                                                                              لكن يخالفه في خشية الهلاك قوله : الآتي وماشية وإن احتاجه لزرع فتأمله ( قوله : بلا عوض ) متعلق ببذل وكذا قوله : قبل ش وعبارة شرح م ر وحيث وجب البذل لم يجز أخذ عوض عليه . ا هـ . ( قوله : حيث لا ضرر على الأوجه ) يؤخذ منه أن من بملكه بئر وضر دخوله للاستقاء منها بنحو الاطلاع على حرمه أو التضييق عليهم تضييقا لا يحتمل عادة لم يلزمه التمكين ( قوله : وهذا إن لم يوجد اضطرار إلخ ) في الخادم ومحل الخلاف إذا لم تصل إلى حد الضرورة ولكن كان منعها من الماء يحوجها إلى الانتقال إلى موضع آخر فإن أشرفت على الهلاك وجب سقيها فضل مائه بالقيمة وفيه نظر فليراجع ( قوله : والأوجب بذله لذي روح محترمة ) يدخل في ذي الروح المحترمة الماشية فيقدم أي الآدمي على حاجة ماشيته فعلى حاجة زرعه بالأولى فأي حاجة مع ذلك لقوله وماشية وإن احتاجه لزرع



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : بل النابعة ) عبارة النهاية بل والنابعة بزيادة الواو وهي أحسن ثم قال ويجري الخلاف في كل ما ينبع في ملكه من نفط وملح . ا هـ . زاد المغني وقير ونحوها . ا هـ . قول المتن ( في ملك يملك إلخ ) ولو وقف المالك أرضا مثلا بها بئر استحق الموقوف عليه ماء البئر لينتفع به على العادة وله منع غيره منه حيث احتيج إليه كما في الملك ولو كانت البئر مشتركة بين اثنين لوقف أو ملك اقتسما ماءها على حسب الحصص إن لم يف بحاجتهما . ا هـ . ع ش ( قوله : وقضية المعلل ) أي في قوله وإنما جاز إلخ و ( قوله : والتعليل ) أي في قوله ؛ لأن عقد الإجارة إلخ ش . ا هـ . سم عن الشارح ( قوله : إلا أن يقال هو ملك ضعيف إلخ ) أو يقال إنما يملكه بإتلافه فقبل الإتلاف لا ملك له ليتصور بيعه . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : فقصر على انتفاعه إلخ ) قضيته أنه يمتنع انتفاع غيره به ولو بإذنه وأنه لو آجر الدار لآخر لم ينتفع الآخر بالماء . ا هـ . سم أي وكل منهما بعيد أقول ولك أن تمنع تلك القضية بأن الكلام إنما هو في النقل بعوض ولذا فرع عليه بقوله فلا يتعدى إلخ قول المتن ( وسواء ملكه ) أي على الأصح ( أم لا ) أي على مقابله ا هـ مغني ( قوله : ولو لزرعه ) لا موقع لهذه الغاية هنا كما لا يخفى على متأمل ، إذ الحكم أنه لا يلزمه بذل ماء وإن فضل عن حاجته فأي حاجة إلى بيان الحاجة وإنما تظهر هذه الغاية بالنسبة لقول المصنف الآتي ويجب لماشية فكان الأولى تأخيرها إلى هناك . ا هـ .

                                                                                                                              رشيدي وقد يجاب بأنه أفاد بها دفع توهم اختصاص الحاجة بذي الروح ( قوله : ويجب بذل الفاضل إلخ ) ولا يجب بذل فاضل الكلأ ؛ لأنه لا يستخلف في الحال ويتمول في العادة وزمن رعيه يطول بخلاف الماء ولا يجب على من وجب عليه البذل إعارة آلة الاستقاء ويشترط في بيع الماء تقديره بكيل أو وزن لا بري الماشية والزرع الفرق بينه وبين جواز الشرب من ماء السقاء بعوض أن الاختلاف في شرب الآدمي أهون منه في شرب الماشية والزرع نهاية ومغني ( قوله : عن حاجته ) إلى قوله انتهى في المغني إلا قوله قال الأذرعي إلى بلا عوض ( قوله : الناجزة ) فلو فضل عنه الآن واحتاج إليه في ثاني الحول وجب بذله لأنه يستخلف . ا هـ .

                                                                                                                              مغني ( قوله : ومحله ) أي التقييد بالناجزة ( قوله : بلا عوض ) متعلق ببذل وكذا قوله : قبل إلخ ش . ا هـ . سم على حج وإنما لم يجعل قوله قبل أخذه قيدا في البذل بلا عوض أي إنما يجب عليه البذل بلا عوض حيث لم يأخذه في نحو إناء لأن الصورة هنا أنه لا اضطرار فلا يجب عليه بذله ولو بعوض . ا هـ . رشيدي ( قوله : في نحو إناء ) يدخل فيه مجتمع الماء كالبركة . ا هـ . سيد عمر قول المتن ( لماشية ) وسكتوا عن البذل لنحو طهارة غيره وينبغي أن يجب أيضا لكن هل يقدم عليه شرب ماشيته وزرعه سم على حج أقول نعم ينبغي أن يقدم الماشية ويدل له ما صرحوا به [ ص: 232 ] في التيمم من أن من أسباب التيمم احتياجه لعطش حيوان محترم ولو مآلا فليراجع . ا هـ .

                                                                                                                              ع ش وقوله : سم وينبغي إلخ يخالفه قول الحلبي ولا يلزم من معه ماء بذله لمحتاج طهارة به . ا هـ . أن يفرض كلام الحلبي في ماء في نحو إناء فلا مخالفة ( قوله : كلأ مباح ) الظاهر أن المباح هنا وفيما بعده ليس بقيد فليراجع . ا هـ .

                                                                                                                              رشيدي وفي البجيرمي عن الحلبي ولعله أي تقييد الكلأ بالمباح لأنه مقصر حيث لم يعد الماء كالعلف . ا هـ . أي فهو قيد ( قوله : بأن يمكنه إلخ ) تصوير للبذل ( قوله : ولا ) أي وإن ضر سقي ماشية الغير من الفاضل ماشية أو زرع صاحب الماء ( قوله : حيث لا ضرر على الأوجه ) يؤخذ منه أن من بملكه بئر وضر دخوله للاستقاء منها بنحو الاطلاع على حرمه أو لتضييق عليهم تضييقا لا يحتمل عادة لم يلزمه التمكين . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : هذا ) أي الخلاف ( قوله : لذي روح محترمة ) يدخل فيه الماشية فيقدم أي الآدمي على حاجة ماشيته فعلى حاجة زرعه بالأولى فأي حاجة مع ذلك لقوله وماشية وإن احتاجه لزرع . ا هـ . سم ولك أن تقول إن قوله كآدمي وإن احتاجه لماشيته إلخ تفصيل لإجمال قوله وجب بذله إلخ إلا أنه كان الأولى من آدمي إلخ عبارة المغني وشرح الروض يجب بذل الفاضل عن شربه لشرب غيره من الآدميين وعن ماشيته وزرعه لماشية غيره . ا هـ . وفي سم قال في شرح الإرشاد وقضية ما تقرر تقديم حاجة زرعه على حاجة ماشية غيره المحترمة وإن خشي هلاكها وهو محتمل انتهى لكن يخالفه في خشية الهلاك قوله : الآتي وماشية وإن احتاجه لزرع فتأمله . ا هـ . ( قوله : وماشية إلخ ) عطف على آدمي ( قوله : من نحو جدول أي نحو نهر صغير . ا هـ . ع ش قوله : إقامة للإذن العرفي إلخ ) أي ما لم يمنع صاحب الجدول عنه فإن منع امتنع على غيره فعل ذلك . ا هـ . ع ش ( قوله : ثم توقف إلخ ) عبارة المغني ثم قال لو كان النهر لمن لا يعتبر إذنه كاليتيم والأوقاف العامة فعندي فيه وقفة والظاهر الجواز . ا هـ . ( قوله : أو وقف عام ) عطف على نحو يتيم




                                                                                                                              الخدمات العلمية