الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يؤاجر الرجل دابته أو يعيره إياها ثم يهبها لغيره قلت : أرأيت إن آجرت دابتي من رجل ثم وهبتها لرجل آخر أو أعرتها لرجل ثم وهبتها لرجل آخر ، فقبضها هذا المستعير أو هذا المستأجر ، أيكون قبضه قبضا للموهوب له ، وتكون الهبة للموهوب له إذا انقضى أجل الإجارة وأجل العارية في قول مالك أم لا ؟ وكيف إن مات الواهب قبل انقضاء أجل الإجارة وأجل العارية ، أيكون الموهوب له أحق بالهبة لأن قبض المستأجر والمستعير قبض له ؟

                                                                                                                                                                                      قال : سألت مالكا عن الرجل يخدم الرجل الجارية سنين ثم يقول بعد ذلك هي لفلان بعد خدمة فلان هبة بتلا وقد قبضها المخدم .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : قبض المخدم للخادم قبض للموهوب له وهي من رأس المال ، إن مات قبل ذلك ، وكذلك مسألتك في العارية وأما الإجارة فلا تكون قبضا إلا أن يكون أسلم الإجارة له معه فيكون ذلك قبضا وإلا فلا شيء له ، لأن الإجارة كأنها في يدي الواهب إلا أن تكون بحال ما وصفت لك . وأرى أن كل من تصدق على رجل بأرض فكانت الأرض حين تصدق بها تحتاز بوجه من الوجوه ، من كراء يكريه أو حدث يحدثه أو غلق يغلق عليها ولم يفعله حتى مات ، وهو لو شاء أن يحوزها بشيء من هذه الوجوه حازها ، فلا شيء له وإن كانت أرضا قفارا من الأرض وليست تحتاز بغلق ولا كراء تكراه ، ولم يأت إبان زرع فيزرعها أو يمنحها بوجه يعرف حتى مات الذي وهبها قبل أن يبلغ شيئا من ذلك ، فهي للذي وهبت له ، وهذا أحسن ما سمعت فيه . وكل من وهب دارا [ ص: 404 ] حاضرة أو غائبة فلم يحزها الذي وهبت له أو تصدق بها عليه فلا حق له وإن كان لم يفرط في قبضها لأن لهذه حيازة تحتاز بها .

                                                                                                                                                                                      قال عمر بن الخطاب : فإن لم يحزها فهي مال الوارث وكذلك قال لي مالك ابن وهب عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يقول للرجل قد أعمرتك هذا العبد حياتك ؟

                                                                                                                                                                                      قال ابن شهاب : تلك المنحة وهي مؤداة إلى من استثنى فيها .

                                                                                                                                                                                      قال ابن شهاب : وإن قال : ثم هو لفلان بعدك ، فإنه ينفذ ما قال إذا كان هبة للآخر .

                                                                                                                                                                                      قال ابن شهاب : وإن قال ثم هو حر بعدك . قال : ينفذ ما قال ثم هو حر ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن القرشي أنه قال : من قطع من ماله قطيعا فسماه لناس ، ثم إذا انقرضوا فهو لفلان جاز ذلك لا يباع ولا يملك حتى يصير إلى آخرهم كما سمى لا ينكر هذا .

                                                                                                                                                                                      قال الليث : وسمعت يحيى بن سعيد يقول : إن أعمر رجل رجلا عبدا وجعله من بعده حرا ، ثم عجل هذا الذي جعل له العبد عمره عتقه ، كان ولاؤه للذي أعتق أول مرة وإنما ترك له خدمته .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية