الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6616 ) فصل : وإذا قتل القاتل غير ولي الدم ، فعلى قاتله القصاص ، ولورثة الأول الدية في تركة الجاني الأول . وبهذا قال الشافعي . وقال الحسن ، ومالك : يقتل قاتله ، ويبطل دم الأول ; لأنه فات محله ، فأشبه ما لو قتل العبد الجاني . وروي عن قتادة وأبي هاشم : لا قود على الثاني ; لأنه قتل مباح الدم ، فلم يجب بقتله قصاص ، كالزاني المحصن . ولنا ، على وجوب القصاص على قاتله ، أنه محل لم يتحتم قتله ، ولم يبح لغير ولي الدم قتله ، فوجب القصاص بقتله ، كما لو كان عليه دين . ولنا ، على وجوب الدية في تركة الجاني الأول ، أن القصاص إذا تعذر وجبت الدية ، كما لو مات ، أو عفا بعض الشركاء ، أو حدث مانع .

                                                                                                                                            وفارق العبد الجاني ، فإنه ليس له مال ينتقل إليه ; فإن عفا أولياء الثاني على الدية ، أخذوها ودفعوها إلى ورثة الأول ، فإن كانت عليه ديون ، ضم ما قبضوا من الدية إلى سائر تركته ، ثم ضرب أولياء المقتول الأول مع سائر أهل الديون في تركته وديته ، وإن أحال ورثة المقتول الثاني ورثة المقتول الأول بالدية على القاتل الثاني ، صحت الحوالة . ويتخرج أن تجب دية القتيل الأول على قاتل قاتله ابتداء ; لأنه أتلف محل حق ورثته ، فكان غرامته عليه ، كما لو قتل العبد الجاني ، وإن مات القاتل عمدا ، وجبت الدية في تركته . [ ص: 226 ] بهذا قال الشافعي . وقال أبو حنيفة ومالك : يسقط حق ولي الجناية . وتوجيه المذهبين على ما تقدم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية