الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن وقف ) على جهة فسيأتي أو ( على معين ) واحد أو ( جمع ) قيل قول أصله جماعة أولى لشموله الاثنين انتهى ويرد بمنع ذلك بل هما سواء وحصول الجماعة باثنين كما مر في بابها اصطلاح يخص ذلك الباب لصحة الخبر به وحكم الاثنين يعلم من مقابلة الجمع بالواحد الصادق حينئذ مجازا بقرينة المقابلة بالاثنين .

                                                                                                                              ( اشترط ) عدم المعصية وتعيينه [ ص: 242 ] كما أفاده قوله : معين و ( إمكان تمليكه ) من الواقف في الحال بأن يوجد خارجا متأهلا للملك ؛ لأن الوقف تمليك المنفعة ( فلا يصح ) الوقف على معدود كعلى مسجد سيبنى أو على ولده ولا ولد له أو على فقراء أولاده ولا فقير فيهم أو على أن يطعم المساكين ريعه على رأس قبره أو قبر أبيه وإن علم وأفتى ابن الصلاح بأنه لو وقف على من يقرأ على قبره بعد موته فمات ولم يعرف له قبر بطل انتهى ، وكان الفرق أن القراءة على القبر مقصودة شرعا فصحت بشرط معرفته ولا كذلك الإطعام عليه على أنه يأتي تفصيل في مسألة القراءة على القبر فاعلمه فإن كان له ولد أو فيهم فقير صح وصرف للحادث وجوده في الأولى أو فقره في الثانية لصحته على المعدوم تبعا كوقفته على ولدي ثم على ولد ولدي ولا ولد ولد له وكعلى مسجد كذا وكل مسجد سيبنى من تلك المحلة وسيذكر في نحو الحربي ما يعلم منه أن الشرط بقاؤه فلا يرد عليه هنا إيهامه الصحة عليه لإمكان تمليكه خلافا لمن زعمه ولا ( على ) أحد هذين ولا على عمارة المسجد إذا لم يبينه بخلاف داري على من أراد سكناها من المسلمين ولا على ميت ولا على ( جنين ) ؛ لأن الوقف تسليط في الحال بخلاف الوصية .

                                                                                                                              ولا يدخل أيضا في الوقف على أولاده بل يوقف فإن انفصل حيا ولم يسم الموجودين ولا ذكر عددهم دخل تبعا كما يأتي بزيادة [ ص: 243 ] ( ولا على العبد ) ولو مدبرا ( وأم ولد لنفسه ) ؛ لأنه ليس أهلا للملك نعم إن وقف على جهة قربة كخدمة مسجد أو رباط صح الوقف عليه ؛ لأن القصد تلك الجهة ويصح على الجزء الحر من المبعض حتى لووقف بعضه القن على بعضه الحر صح كالوصية له به ويؤخذ من العلة أن الأوجه صحته على المكاتب كتابة صحيحة لأنه يملك ثم إن لم يقيد بالكتابة صرف له بعد العتق أيضا وإلا انقطع به هذا كله إن لم يعجز وإلا بان بطلانه ؛ لأنه منقطع الأول فيرجع عليه بما أخذه من غلته ( فإن أطلق الوقف عليه فهو ) محمول ليصح أو لا يصح على أنه ( وقف على سيده ) كما لو وهب منه أو أوصى له به والقبول إن شرط منه وإن نهاه سيده عنه لا من سيده إن امتنع نظير ما يأتي في الوصية

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : بالاثنين ) متعلق بالصادق ش والأولى أن المراد بالجمع ما ليس واحدا ( قوله : [ ص: 242 ] أو على فقراء أولاده ولا فقير فيهم ) في شرح م ر أو على القراءة على رأس قبره أو قبر أبيه الحي . ا هـ . ( قوله : أو على أن يطعم المساكين ريعه ) كيف يصدق هنا المعين حتى يحتاج إلى إخراجه بإمكان تمليكه بدليل جعله في حيز التفريع الذي في المتن ؟

                                                                                                                              ( قوله : الصحة عليه ) أي على نحو الحربي ش ( قوله : في المتن على جنين ) قال في شرح الروض ولا يصح وقف الحمل وإن صح عتقه نعم إن وقف الحامل صح فيه تبعا لأمه . ا هـ . ( قوله : ولا يدخل أيضا في الوقف ) أي على الأولاد وكذا في شرح م ر بخلافه على نحو الذرية كما قال في العباب كالروض وشرحه وكذا أي يدخل في الذرية والنسل والعقب الحمل الحادث فتوقف حصته . ا هـ . والتقييد بالحادث . الظاهر أنه ليس لإخراج الموجود حال الوقف ( قوله : كما يأتي بزيادة ) عبارته في الفصل الآتي ولا يدخل الحمل عند الوقف أي على الأولاد ؛ لأنه لا يسمى ولدا وإنما يستحق من غلة ما بعد انفصاله كالحمل الحادث علوقه بعد الوقف فإنه إنما يستحق من غلة ما بعد انفصاله خلافا لمن نازع فيه . ا هـ . فقوله : ولا يدخل الحمل عند الوقف أي لا يدخل [ ص: 243 ] الآن بحيث يستحق من غلة ما قبل الانفصال فلا ينافي قوله وإنما يستحق إلخ نظرا ؛ لأن الاستحقاق فرع الدخول وذلك ؛ لأن الدخول فيه بعد الانفصال .

                                                                                                                              ( قوله : في المتن ولا على العبد لنفسه ) عبارة العباب ولا على رقيق الواقف كأم ولده ومكاتبه ولا على رقيق غيره لنفسه وإلا جاز وكان لسيده إلخ . ا هـ . وما ذكره في أم ولده قد يخالفه قول الروض بعد ذلك ، وعلى أمهات الأولاد إلا من تزوجت لم يعد استحقاقها بالطلاق . ا هـ . ومراده أمهات أولاده بدليل قول شرحه في تعليل عدم عود استحقاقها بالطلاق لأنها لم تخرج به عن كونها تزوجت ولأن غرض الواقف أن تفي له أم ولده ولا يخلفه عليها أحد فمن تزوجت لم تف بذلك . ا هـ .

                                                                                                                              ولا يخفى أن مسألة الروض مخالفة لمسألة العباب في أم الولد إلا أن تحمل مسألة الروض على ما إذا أوصى بالوقف على أمهات أولاده فليراجع . ( قوله : نعم إن وقف ) بالبناء للمفعول أي العبد ش



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : على جهة ) إلى قول المتن فإن أطلق في النهاية إلا قوله أو على أن يطعم إلى فإن كان له ( قوله : به ) أي بالحصول ( قوله : وحك الاثنين إلخ ) الأخصر الأولى والمراد الجمع ما فوق الواحد مجازا بقرينة المقابلة ( قوله : بالاثنين إلخ ) متعلق بالصادق ش . ا هـ . سم [ ص: 242 ] قوله : في الحال ) أي حال الوقف ( قوله : أو على أن يطعم إلخ ) لا يخفى أنه خارج عن المعين فلا حاجة إلى إخراجه بإمكان تمليكه كما نبه عليه سم عبارة النهاية أو على القراءة على رأس قبره أو قبر أبيه الحي . ا هـ . قال ع ش قوله : م ر أو قبر أبيه الحي ووجه عدم الصحة فيه أنه منقطع الأول . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : المساكين ) نائب فاعل يطعم و ( قوله : ريعه ) بالنصب مفعوله الثاني ( قوله : أو قبر أبيه ) أي هو حي ( قوله : وإن علم ) راجع للمسألتين ( قوله : وكان الفرق ) أي بين الإطعام والقراءة ( قوله : فصحت ) أي القراءة أي الوقف عليها ( قوله : بشرط معرفته ) أي القبر ( قوله : ولا كذلك الإطعام إلخ ) أي فلم يصح الوقف عليه مطلقا ( قوله : عليه ) أي رأس القبر ( قوله : على أنه يأتي تفصيل في مسألة القراءة ) أي بعد قول المصنف ولو كان الوقف منقطع الأول إلخ عبارته ثم ولو كان الوقف منقطع الأول كوقفته على من يقرأ على قبري أو قبر أبي وأبوه حي بخلاف وقفته الآن أو بعد موتي على من يقرأ على قبري بعد موتي فإنه وصية فإن خرج من الثلث أو أجيز وعرف قبره صح وإلا فلا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من تلك المحلة ) أي في تلك إلخ ( قوله : بقاؤه ) أي الموقوف عليه المعين ( قوله : الصحة عليه ) أي على نحو الحربي ع ش . ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : لإمكان تمليكه ) علة للإيهام . ا هـ . رشيدي ( قوله : إذا لم يبينه ) أي المسجد . ا هـ . ع ش ( قوله : بخلاف داري على من أراد سكناها ) أي فإنه يصح ويعين من يسكن فيها ممن أراد السكنى حيث تنازعوا الناظر على الواقف . ا هـ . ع ش ( قوله : ولا على ميت ) قد يقال إذا كان الميت صحابيا أو وليا اطرد العرف بالوقف عليه بقصد الصرف في مصالح ضريحه أو زواره فينبغي إن صح الوقف ؛ لأن اطراد العرف قرينة معينة لإرادة الوقف على تلك الجهة لا تمليكه الممتنع وهو نظير ما ذكروه في النذر له إذا اطرد العرف بصرفه لمصالحه ونحو فقرائه وورثته . ا هـ .

                                                                                                                              سيد عمر وسيأتي عن المغني قبيل قول المصنف ولا يصح إلا بلفظ ما يؤيده بل يصرح به قول المتن ( ولا على جنين ) كذا في نسخ التحفة ويتعين أن يكون على هذه والسابقة في قوله على معدوم من المتن . ا هـ . سيد عمر أقول قضيته أنه معدوم أيضا من المتن لكن الذي في المحلى والنهاية والمغني فلا يصح على جنين . ا هـ . بل ولفظ على معدوم لا وجود له في المحلى والمغني أصلا فالظاهر أن كتابة ولا على في نسخ التحفة على رسم المتن إنما هي من الكتبة إلا أن يثبت هذا الرسم في أصل الشارح رحمه الله تعالى ( قوله : ؛ لأن الوقف ) إلى قول المتن فإن أطلق في المغني إلا قوله بل يوقف ( قوله : في الوقف على أولاده ) أي بخلافه على نحو الذرية كما قال في العباب كالروض وشرحه وكذا أي يدخل في الذرية والنسل والعقب الحمل الحادث فتوقف حصته انتهى ، والتقييد بالحادث الظاهر أنه ليس لإخراج الموجود حال الوقف سم على حج وقوله : فتوقف حصته بخالف قول الشارح م ر الآتي فإن انفصل استحق من غلة ما بعد انفصاله إلا أن يقال أراد بتوقف حصته عدم حرمانه إذا انفصل . ا هـ . ع ش أقول ولا مخالفة إذ القول الآتي في الوقف على الأولاد وكلام العباب والروض وشرحه في الوقف على الذرية والنسل والعقب ، وفي الفرق بينهما فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : بل يوقف ) أي ريع الوقف مدة الحمل وهذا مخالف لكلامه الآتي آنفا إلا أن يكون المراد وقف الحكم بالدخول وعدمه فعليه كان الأولى حذفه كما في المغني ( قوله : كما يأتي بزيادة ) [ ص: 243 ] عبارته في الفصل الآتي ولا يدخل الحمل عند الوقف أي على الأولاد لأنه لا يسمى ولدا وإنما يستحق من غلة ما بعد الانفصال كالحمل الحادث علوقه بعد الوقف فإنه إنما يستحق من غلة ما بعد انفصاله خلافا لمن نازع فيه . ا هـ .

                                                                                                                              قال سم قوله : ولا يدخل الحمل إلخ أي لا يدخل الآن بحيث يستحق من غلة ما قبل الانفصال فلا ينافي قوله وإنما يستحق إلخ . ا هـ . قول المتن ( ولا على العبد إلخ ) عبارة العباب وعلى رقيق الواقف كأم ولده ومكاتبه ولا على رقيق غيره لنفسه وإلا جاز وكان لسيده انتهت . ا هـ . سم ( قوله : وأم ولده ) أي حال كونها رقيقة كما هو الفرض ، وأما ما في الروض من صحة وقفه على أمهات أولاده فصورته أن يقول وقفت داري مثلا بعد موتي على أمهات أولادي أو يوصي بالوقف عليهن . ا هـ . ع ش وفي سم ما يوافقه قول المتن ( لنفسه ) أي نفس العبد سواء كان له أم لغيره . ا هـ . مغني ( قوله : إن وقف ) بالبناء للمفعول أي العبد ش . ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : الوقف عليه ) أي العبد ( قوله : ويصح على الجزء إلخ ) عبارة المغني والنهاية وأما لو وقف على المبعض فالظاهر كما قال شيخنا أنه إن كان مهايأة وصدر الوقف عليه يوم نوبته فكالحر أو يوم نوبة سيده فكالعبد وإن لم تكن مهايأة وزع على الرق والحرية وعلى هذا يحمل إطلاق ابن خيران صحة الوقف عليه . ا هـ . قال ع ش قوله : فكالحر إلخ ينبغي أن هذا التفصيل عند الإطلاق فإن عين الواقف شيئا اتبع حتى لو وقف في نوبة المبعض على سيده أو في نوبة السيد على العبد أو عند عدم المهايأة على أحدهما بعينه عمل به فليراجع . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من العلة ) أي قوله : لأنه ليس أهلا إلخ ( قوله : على المكاتب إلخ ) أي مكاتب غيره وأما مكاتب نفسه فلا يصح الوقف عليه كما جزم الماوردي وغيره نهاية ومغني ومر آنفا عن سم عن العباب مثله

                                                                                                                              ( قوله : وإلا ) أي وإن قيد الوقف بمدة الكتابة وفي معنى التقييد ما لو عبر بمكاتب فلان ا هـ مغني ( قوله انقطع به ) وينتقل الوقف إلى من بعده نهاية ومغني أي إذا ذكر بعده مصرفا وإلا فالأقرب رحم الواقف ( قوله : بما أخذه من غلته ) ثم إن كان ما قبضه من الغلة باقيا أخذ منه وإلا فهو في ذمته يطالب به بعد العتق واليسار . ا هـ . ع ش ( قوله : فهو محمول ليصح إلخ ) عبارة المغني فإن كان له لم يصح ؛ لأنه يقع للواقف وإن كان لغيره فهو وقف إلخ . ا هـ . ( قوله : أو لا يصح ) أي فيما لو كان سيده حال الوقف جنينا ثم انفصل حيا أو كان عبدا للواقف . ا هـ .

                                                                                                                              سيد عمر أي وكان مرتدا أو حربيا ( قوله : كما لو وهب ) إلى قول المتن ونفسه في النهاية ( قوله : به ) أي بشيء وكان الأولى حذفه كما في النهاية والمغني ( قوله : والقبول إلخ ) عبارة النهاية ويقبل هو أن شرطناه وهو الأصح الآتي . ا هـ . ( قوله : وإن نهاه إلخ ) غاية ( قوله : عنه ) أي القبول ( قوله : إن امتنع ) أي العبد عن القبول




                                                                                                                              الخدمات العلمية