الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              311 [ ص: 89 ] 16 - باب: نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

                                                                                                                                                                                                                              317 - حدثنا عبيد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يهل بعمرة فليهلل، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة". فأهل بعضهم بعمرة، وأهل بعضهم بحج، وكنت أنا ممن أهل بعمرة". فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دعي عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بحج". ففعلت، حتى إذا كان ليلة الحصبة أرسل معي أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فخرجت إلى التنعيم، فأهللت بعمرة مكان عمرتي. قال هشام: ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 1 \ 417] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا عبيد بن إسماعيل، ثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يهل بعمرة فليهلل.. " الحديث وقد سلف الكلام عليه في الباب قبله مع الترجمة أيضا فيه، وأبو أسامة (ع) اسمه: حماد بن أسامة الكوفي الحافظ الحجة الإخباري، عنده ستمائة حديث عن هشام، عاش ثمانين سنة، ومات سنة إحدى ومائتين، وعبيد (خ) هباري من أفراد البخاري، مات سنة ثنتين ومائتين.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 90 ] وفتح الحاء من ذي الحجة أشهر من كسرها، ومعنى: موافين: مشرفين، يقال: أوفى على كذا، أي: أشرف، ولا يلزم الدخول فيه.

                                                                                                                                                                                                                              وقولها: (خرجنا موافين لهلال ذي الحجة) وجاء في رواية أخرى: (لخمس بقين من ذي القعدة وقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة لأربع أو خمس من ذي الحجة فأقام في طريقه إلى مكة تسعة أيام أو عشرة).

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (قال هشام: ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة). ظاهره مشكل، فإنها إن كانت قارنة فعليها هدي للقران عند كافة العلماء إلا داود، وإن كانت متمتعة فكذلك؛ لكنها كانت فاسخة كما سلف، ولم تكن قارنة ولا متمتعة، وإنما أحرمت بالحج، ثم نوت فسخه في عمرة، فلما حاضت ولم يتم لها ذلك رجعت إلى حجها، فلما أكملته اعتمرت عمرة مستبدأة، نبه عليه القاضي.

                                                                                                                                                                                                                              لكن يعكر عليه قولها: (وكنت ممن أهل بعمرة)، وقولها: (ولم أهل إلا بعمرة)، ويجاب: بأن هشاما لما لم يبلغه شيء من ذلك أخبر بنفيه، ولا يلزم من ذلك نفيه في نفس الأمر، ويحتمل أن يكون لم يأمر به؛ بل نوى أنه يقوم به عنها، بل روى جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - أهدى عن عائشة بقرة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 91 ] خاتمة:

                                                                                                                                                                                                                              اختلف العلماء في فسخ الحج إلى العمرة، وهو تحويل النية من الإحرام بالحج إلى العمرة؛ فجمهور العلماء على المنع من ذلك، وذهب ابن عباس إلى جوازه، وبه قال أحمد وداود وكلهم متفقون: أن الشارع أمر أصحابه عام حج بفسخ الحج إلى العمرة.

                                                                                                                                                                                                                              وأجاب الجمهور عنه: بأن ذلك كان خاصا بهم، وقد روى ربيعة عن الحارث بن بلال، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، الفسخ لنا خاصة أو لمن بعدنا؟ قال: "لنا خاصة" أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية