الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما فرغ من الكلام على ما يوجب القتل بلا استتابة وما اختلف العلماء فيه هل يقتل بلا استتابة أو لا يقتل وإنما فيه العقوبة ذكر ما يوجب القتل إن لم يتب بقوله ( واستتيب في ) قوله النبي عليه السلام ( هزم ) أي يكون مرتدا يستتاب ثلاثا ، فإن تاب وإلا قتل وهذا خلاف ما عليه مالك وأصحابه من أنه يقتل ولا تقبل منه توبة ( أو أعلن بتكذيبه ) فإنه يستتاب ثلاثا ، فإن لم يتب قتل ومفهوم أعلن أنه إن أسر به فزنديق يقتل بلا استتابة إلا أن يجيء تائبا قبل الظهور عليه والحق أن الإعلان بتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم السب فيقتل به مطلقا ( أو تنبأ ) أي ادعى أنه نبي يوحى إليه فإنه يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ( إلا أن يسر ) أي يدعي النبوة سرا فزنديق يقتل إلا أن يجيء تائبا قبل الظهور عليه ( على الأظهر ) فالاستثناء قاصر على الأخير من حيث النسبة لابن رشد ، وإن كان الذي قبله كذلك من حيث الحكم والذي اختاره ابن مرزوق في هذا الفرع الذي قبله أنه يقتل بلا توبة [ ص: 311 ] كما في الأول لما فيهما من السب فكان على المصنف درج الثلاثة في مسائل السب المتقدمة ، ويجوز أن يكون الاستثناء راجعا لهما وقوله : على الأظهر راجع للثاني إلا أنه لا دليل عليه .

التالي السابق


( قوله : وإنما فيه العقوبة ) أي بالضرب وطول السجن . ( قوله : واستتيب في هزم ) هذا قول ابن المرابط والعجب من ابن المرابط في قوله ذلك مع قوله من قال هزمت بعض جيوشه يقتل ولا تقبل توبته والمراد بهم من كان فيهم وإنما قتل قائل ذلك ; لأن غاية ما هناك أن بعض الأفراد فر يوم أحد وهذا نادر والنبي صلى الله عليه وسلم وغالب الجيش لم يفر وقد جمع بعضهم بين كلامي ابن المرابط بحمل هذا على قائله بقصد التنصيص والأول الذي عليه المصنف لم يقصد تنقيصا فيستتاب ، فإن تاب وإلا قتل لكن الذي عليه مالك وعامة أصحابه أن من قال : إن النبي هزم يقتل ولا تقبل توبته وهو المذهب وظاهر الإطلاق أي قصد القائل بذلك التنقيص أم لا وإنما قتل ; لأن الله عصمه من الهزيمة فنسبة الهزيمة إليه فيه إلحاق نقص به ( قوله : والحق أن الإعلان إلخ ) هذا هو الذي اختاره ابن مرزوق كما يأتي وقوله : مطلقا أي سواء تاب أو لم يتب .

( قوله : إلا أن يجيء تائبا قبل الظهور عليه ) أي ، وإلا قبلت توبته ولا يقتل .

( قوله : من حيث الحكم ) أي وذلك لأنه إذا أعلن بالتكذيب يستتاب ، فإن لم يتب قتلت وإن أسر به قتل بلا استتابة ، إلا أن يجيء تائبا كما أنه إذا ادعى النبوة كذلك .

( قوله : في هذا الفرع ) [ ص: 311 ] أي وهو قوله : أو تنبأ والذي قبله هو قوله : أو أعلن بتكذيبه ( قوله : كما في الأول ) أي وهو قوله : هزم بناء على المعتمد وهو قول مالك وأصحابه .

( قوله : راجعا لهما ) أي لقوله أو أعلن بتكذيبه أو تنبأ




الخدمات العلمية