الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثاني : في الإشهاد عليه ، قال صاحب المقدمات : لا يجب في العقد ويجب للدخول ، فإن دخل ولم يشهد أو في نكاح السر فرق بينهما ، وإن طال الزمان بطلقة لإقرارهما بالنكاح ، وحد إن وطئ إلا أن يكون الدخول فاشيا أو يكون على العقد شاهد واحد فيدرأ الحد للشبهة ، فإن أشهد شاهدين ، وأمر بالكتمان فسخ قبل الدخول ، وبعده على المشهور إلا أن [ ص: 399 ] يطول ، وقيل : لا يفسخ مطلقا ، ووافقه صاحب المنتقى على الفسخ إذا لم يشهد على الدخول ، وقال : ذلك ذريعة للفساد ، ومنع التغرير على الخلوة ، وقال ابن القاسم : إن لم يشهد إلا شاهدا واحدا فسخ ، وتزوجها بعد الاستبراء بثلاث حيض ، قال أبو الطاهر : الإشهاد عندنا شرط في صحة الدخول دون العقد ، ولم أجد أحدا من الأصحاب خالف في هذا ، قال ابن الحاجب : الفسخ بطلقة بائنة إذا لم يشهد على الدخول ، واشترط الأئمة الشهادة في العقد لقوله عليه السلام : ( لا نكاح إلا بولي وصداق وشاهدي عدل ) ، وجوابه : من وجوه : أحدها : أن النفي دائر بين القضاء والفتوى ، ولم ينص على أحدهما ، فهو مطلق فيهما ، ونحن نحمله على القضاء ، فلا يحكم حاكم بصحة نكاح إلا ببينة ، أما الحل فثابت بدون البينة ، وثانيها : أنه دائر بين العقد والدخول ، ونحن نحمله على الدخول ; لأن اللفظ فيه حقيقة وفيما ذكروه مجاز ، والحقيقة مقدمة على المجاز ، وثالثها : أن الصداق مذكور مع عدم شرطيته في العقد ، بدليل التفويض ، فكذلك الشهادة قياسا عليه بطريق الأولى ; لأن الصداق ركن داخل في الحقيقة ، والبينة خارجة عن حقيقة العقد ، ورابعها : يحمل النفي على الكمال ، وهو متفق عليه ، ويؤيده ذكر الصداق ، وهو معتبر في الكمال .

                                                                                                                تفريع : في الكتاب : من عقد بغير بينة غير مسر أشهد الآن وجاز ، ولا يتزوج الرقيق إلا بالبينة والصداق ، وإن أشهد الأب وأجنبي على إذن [ ص: 400 ] الثيب في العقد وأنكرت لم يجز ; لأن الأب شهد على فعل نفسه ، وإن وجد رجل وامرأة في بيت فشهد أبوها وأخوها بعقدها لم يجز نكاحه ويعاقبان ، وإن نكح مسلم ذمية بشهادة ذميين لم يجز ، فإن لم يدخل أشهد الآن مسلمين ولزم النكاح .

                                                                                                                تنبيه : ظاهر المذهب يقتضي أن تحمل الشهادة في النكاح يشترط فيه شروط الأداء من الإسلام وغيره ، وقاله ( ش ) ، واكتفى بمن ظاهره العدالة ، ووافقنا ابن حنبل غير أنه جوز أن يكونا عبدين ; لأن شهادة العبيد عنده تقبل ، وسوى ( ح ) بين تحمل شهادة النكاح وغيره ، فجوز شهادة الفاسقين ; لأنهما قد يكونان عدلي عقد الأداء ، لنا : أن المطلوب في الحال دفع مفسدة التهمة بالزنى ، والتغرير على الخلوة المحرمة ، وإثبات نسب الولد ، وذلك إنما يحصل بأهلية الأداء فتشترط .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية