الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 338 ] ذكر إيجاب محبة الله للمتناصحين

                                                                                                                          والمتباذلين فيه

                                                                                                                          577 - أخبرنا أبو يعلى حدثنا مخلد بن أبي زميل حدثنا أبو المليح الرقي عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني ، قال : قلت لمعاذ بن جبل : والله إني لأحبك لغير دنيا أرجو أن أصيبها منك ، ولا قرابة بيني وبينك ، قال : فلأي شيء ؟ قلت : لله ، قال : فجذب حبوتي ، ثم قال : " أبشر إن كنت صادقا ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله ، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء ، ثم قال : " فخرجت فأتيت عبادة بن الصامت ، فحدثته بحديث معاذ فقال عبادة بن الصامت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عن ربه تبارك وتعالى : " حقت محبتي على المتحابين في ، وحقت محبتي على المتناصحين في ، وحقت محبتي على المتزاورين في ، وحقت محبتي على المتباذلين في ، وهم على منابر من نور ، يغبطهم النبيون والصديقون بمكانهم " .

                                                                                                                          [ ص: 339 ] قال أبو حاتم : أبو مسلم الخولاني اسمه عبد الله بن ثوب ، يماني ، تابعي ، من أفاضلهم وأخيارهم ، وهو الذي قال له العنسي : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : لا ، قال : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم ، فأمر بنار عظيمة ، فأججت وخوفه أن يقذفه فيها إن لم يواته على مراده ، فأبى عليه ، فقذفه فيها ، فلم تضره فاستعظم ذلك ، وأمر بإخراجه من اليمن ، فأخرج فقصد المدينة ، فلقي عمر بن الخطاب فسأله من أين أقبل ؟ فأخبره ، فقال له : ما فعل الفتى الذي أحرق ؟ فقال : لم يحترق . فتفرس فيه عمر أنه هو ، فقال : أقسمت عليك بالله ، أنت أبو مسلم ؟ قال : نعم ، فأخذ بيده عمر حتى ذهب به إلى أبي بكر ، فقص عليه القصة ، فسرا بذلك ، وقال أبو بكر : [ ص: 340 ] الحمد لله الذي أرانا في هذه الأمة من أحرق فلم يحترق مثل إبراهيم صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                          وقيل : إنه كان له امرأة صبيحة الوجه ، فأفسدتها عليه جارة له ، فدعا عليها ، وقال : اللهم أعم من أفسد علي امرأتي . فبينما المرأة تتعشى مع زوجها إذ قالت : انطفأ السراج ؟ قال زوجها : لا ، فقالت : فقد عميت ، لا أبصر شيئا ، فأخبرت بدعوة أبي مسلم عليها ، فأتته فقالت : أنا قد فعلت بامرأتك ذلك ، وأنا قد غررتها وقد تبت ، فادع الله يرد بصري إلي ، فدعا الله وقال : اللهم رد بصرها ، فرده إليها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية