الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3011 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود أنه سئل عن قوله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فقال أما إنا قد سألنا عن ذلك فأخبرنا أن أرواحهم في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش فاطلع إليهم ربك اطلاعة فقال هل تستزيدون شيئا فأزيدكم قالوا ربنا وما نستزيد ونحن في الجنة نسرح حيث شئنا ثم اطلع إليهم الثانية فقال هل تستزيدون شيئا فأزيدكم فلما رأوا أنهم لم يتركوا قالوا تعيد أرواحنا في أجسادنا حتى نرجع إلى الدنيا فنقتل في سبيلك مرة أخرى قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبيدة عن ابن مسعود مثله وزاد فيه وتقرئ نبينا السلام وتخبره عنا أنا قد رضينا ورضي عنا قال أبو عيسى هذا حديث حسن

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن عبد الله بن مرة ) هو الهمداني .

                                                                                                          قوله : ( فقال ) أي ابن مسعود ( أما ) بالتخفيف للتنبيه ( إنا قد سألنا ) أي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( عن ذلك ) أي عن معنى هذه الآية ( فأخبرنا ) وفي رواية مسلم فقال . قال النووي : هذا الحديث مرفوع لقوله إنا قد سألنا عن ذلك فقال يعني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال القاضي : المسئول والمجيب هو الرسول صلوات الله عليه وسلامه وفي " فقال " ضمير " له " ويدل عليه قرينة الحال فإن ظاهر حال الصحابي أن يكون سؤاله واستكشافه من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا سيما في تأويل آية هي من المتشابهات وما هو من أحوال المعاد فإنه غيب صرف لا يمكن معرفته إلا بالوحي ولكونه بهذه المثابة من التعين أضمر من غير أن يسبق ذكره ( أن أرواحهم في طير خضر ) وفي رواية مسلم " في جوف طير خضر " أي يخلق [ ص: 288 ] لأرواحهم بعد ما فارقت أبدانهم هياكل على تلك الهيئة تتعلق بها وتكون خلفا عن أبدانهم وإليه الإشارة بقوله تعالى : أحياء عند ربهم فيتوسلون بها إلى نيل ما يشتهون من اللذائذ الحسية ، وإليه يرشد قوله تعالى : يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله والطير جمع طائر ويطلق على الواحد ، وخضر بضم فسكون جمع أخضر ( تسرح ) أي ترعى ( وتأوي ) أي ترجع ( إلى قناديل معلقة بالعرش ) فهي بمنزلة أوكار الطير ( فاطلع ) بتشديد الطاء أي نظر ( اطلاعة ) إنما قال اطلاعة ليدل على أنه ليس من جنس اطلاعنا على الأشياء . قال القاضي : وعداه بإلى وحقه أن يعدى بعلى لتضمنه معنى الانتهاء ( فقال ) أي الرب تعالى ( وما نستزيد ) أي أي شيء نستزيد ( ونحن في الجنة نسرح حيث شئنا ) يعني وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ( فلما رأوا أنهم لا يتركون ) أي من أن يسألوا ( قالوا تعيد ) من الإعادة أي ترد ( فنقتل ) بصيغة المجهول في سبيلك مرة أخرى زاد مسلم : فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا أي من سؤال هل تستزيدون .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه .

                                                                                                          قوله : ( عن أبي عبيدة ) هو ابن عبد الله بن مسعود مشهور بكنيته ( وزاد ) أي أبو عبيدة في روايته ( وتقرئ ) أي يا رب ( نبينا ) بالنصب أي عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( السلام ) مفعول ثان لتقرئ ( وتخبره ) أي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( أن قد رضينا ) أي بالله تعالى ( ورضي عنا ) بصيغة المجهول أي رضي الله تعالى عنا .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن ) قد صرح الترمذي بعدم سماع أبي عبيدة من أبيه عبد الله بن مسعود في باب الاستنجاء بالحجرين فتحسينه لهذا الحديث لمجيئه من السند المتقدم .




                                                                                                          الخدمات العلمية