الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإذا غرس أحد الشريكين أو بنى : فللآخر الدخول معه ، ويعطيه قيمة ذلك قائما .

التالي السابق


( وإذا غرس أحد الشريكين أو بنى ) في الأرض المشتركة بينهما في غيبة شريكه أو حضوره غير عالم ( فل ) لشريك ( الآخر ) الذي لم يغرس ولم يبن ( الدخول معه ) أي الباني أو الغارس فيما غرمه أو بناه ( ويعطيه ) أي الآخر الداخل الباني أو الغارس ( قيمة ذلك ) الغرس أو البناء حال كونه ( قائما ) لوضعه بشبهة الشركة أي حصته منها . سحنون أخبرني ابن القاسم عن مالك رضي الله تعالى عنهم في أرض بين رجلين احتفر أحدهما بئرا أو غرس غرسا ، فيها فأراد الآخر الدخول معه أنه يكون له في البئر بقدر ما له في الأرض . ابن رشد قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في هذه الرواية إن أراد الشريك أن . [ ص: 430 ] يدخل مع شريكه فيما بنى أو حفر أو غرس فعليه في البئر بقدر ما له في الأرض ، ولم يبين هل يكون حظه من النفقة التي أنفقها أو من قيمة العمل قائما أو منقوضا ، وفيه تفصيل لأنه إما أن يكون الغرس أو البناء أو الحفر مع غيبة الشريك الثاني أو مع حضوره وسكوته عالما أو مع إذنه ، فإن كان غائبا غير عالم فيتخرج فيه قولان ، أن يكون له قدر حظ شريكه من قيمة عمله قائما لأن الشركة في الأرض شبهة إلا أن يزيد على قدر حظه من النفقة التي أنفقها فلا يزاد عليه ، والثاني أن الشركة ليست شبهة فليس له سوى قيمة حظه منقوضا ، وهذا قول ابن القاسم ، وإن كان الغرس ونحوه مع حضوره وسكوته .

فإن قلنا السكوت إذن فاختلف هل له كراء حصته فيما مضى قبل قيامه أم لا ، على قولين ، وعلى الأول لا بد من يمينه أنه ما سكت راضيا بترك حقه ، وإن قلنا ليس السكوت إذنا فله كراء الماضي قولا واحدا ، وإن كان الغرس ونحوه بإذن الشريك فحكمه حكم ما تقدم في السكوت على أنه إذن وإن أراد مقاسمته فقال ابن القاسم تقسم الأرض بينهما ، فإن كان بنيانه وغرسه فيما صار له من الأرض كان له ذلك ، وعليه من الكراء بقدر انتفاعه بنصيب صاحبه ، وإن كان البناء والغرس في نصيب غيره خير الذي صار في حظه بين إعطائه قيمته منقوضا وبين إسلامه إليه ونقضه ، هذا كلام ابن القاسم ، وظاهره سواء اتفقا على القسمة أو اختلفا فيها أما في الصورة الأولى فلا إشكال فيها وأما في الثانية فالذي يأتي على مذهب المدونة أن يعطي القائم لشريكه قدر حظه م ، ن الأرض ، ثم يقتسمان أو يتركان ا هـ .

والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب وصلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وآله والأصحاب . تم الربع الثالث من الكتاب بمحض فضل الله تعالى الملك الوهاب ، فله الحمد والشكر دائما بعد عصر يوم الأربعاء لخمس بقيت من شهر صفر من سنة سبعة وثمانين ومائتين وألف من هجرة من له غاية الشرف ، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، والحمد لله رب العالمين ، كتبه محمد عليش تاب الله عليه ورحمه ووالديه والمسلمين أجمعين آمين .




الخدمات العلمية