الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1352 22 - حدثنا بشر بن محمد قال : أخبرنا عبد الله قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن عروة ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ، ولم تأكل منها ، ثم قامت فخرجت ، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا ، فأخبرته فقال : " من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار " .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله " فقسمتها بين ابنتيها " ، أي : لما قسمت التمرة بينهما صار لكل واحدة منهما شق تمرة ، فدخلت الأم في عموم قوله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - : " من ابتلي " إلى آخره ; لأنها ممن ابتلي بشيء من البنات ، وأما مناسبة فعل عائشة - رضي الله تعالى عنها - للترجمة ففي قوله : " والقليل من الصدقة " فإنه من الترجمة أيضا .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم سبعة ، ذكروا كلهم ، وبشر بكسر الباء الموحدة تقدم في كتاب الوحي ، وعبد الله ، هو ابن المبارك ، ومعمر بفتح الميمين ، هو ابن راشد ، والزهري هو محمد بن مسلم ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ، مر في باب الوضوء مرتين ، وعروة هو ابن الزبير .

                                                                                                                                                                                  وفيه : التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد ، وبصيغة الإفراد في موضع .

                                                                                                                                                                                  وفيه : الإخبار بصيغة الجمع في موضعين .

                                                                                                                                                                                  وفيه : العنعنة في موضعين .

                                                                                                                                                                                  وفيه : القول في ثلاثة مواضع .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري في الأدب ، عن أبي اليمان ، عن شعيب ، وأخرجه مسلم في الأدب ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأبي بكر بن إسحاق الصغاني ، وعن محمد بن عبد الله بن فهزاد ، وأخرجه الترمذي في البر ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن ابن المبارك ، وقال : حسن صحيح .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) قوله : " لها " في محل الرفع ; لأنها صفة لقوله " ابنتان " ، أي : ابنتان كائنتان لها ، قوله : " تسأل " جملة في محل النصب على الحال من الأحوال المقدرة ، قوله : " من هذه البنات " الظاهر أنها إشارة إلى أمثال المذكورات من أصحاب الفقر والفاقة ، ويحتمل أن يراد به الأشارة إلى جنس البنات مطلقا ، وإنما قال سترا ، ولم يقل أستارا ; لأن المراد الجنس ، فيتناول القليل والكثير ، قوله : " بشيء " ، أي : أحوال البنات أو من نفس البنات ، أي : من ابتلي منهن بأمر من أمورهن ، أو من ابتلي ببنت منهن ، سماه ابتلاء لموضع الكراهة لهن ، كما أخبر الله تعالى .

                                                                                                                                                                                  وفيه : حض على الصدقة بالقليل ، وإعطاء عائشة التمرة لئلا ترد السائل خائبا ، وهي تجد شيئا ، وروى أنها أعطت سائلا جبة عنب ، فجعل يتعجب فقالت : كما ترى فيها مثقال ذرة ، ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي تميمة الهجيمي : " لا تحقرن شيئا من المعروف ولو أن تضع من دلوك في إناء المستسقى " .

                                                                                                                                                                                  وفيه : قسمة المرأة التمرة بين ابنتيها لما جعل الله في قلوب الأمهات من الرحمة .

                                                                                                                                                                                  وفيه : أن النفقة على البنات والسعي عليهن من أفضل أعمال البر المنجية من النار ، وكانت عائشة - رضي الله تعالى عنها - من أجود الناس ، أعطت في كفارة يمين أربعين رقبة . وقيل : فعلت ذلك [ ص: 279 ] في نذر مبهم ، وكانت ترى أنها لم توف بما يلزمها فيه وأعانت المنكدر في كتابته بعشرة آلاف درهم .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية