الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) يعطى ( المكاتب ) المار ( والغارم ) أي كل منهما ( قدر دينه ) ما لم يكن معه وفاء لبعضه وإلا فما يوفيه فقط ، ومحل ما ذكر في الغارم لغير إصلاح ذات البين لما مر أنه يعطى مع الغنى ( وابن السبيل ما يوصله مقصده ) بكسر الصاد إن لم يكن له في طريقه إليه مال ( أو موضع ماله ) إن كان له مال في طريقه ، فإن كان له ببعضه بعض ما يكفيه تممت له كفايته ويعطى لرجوعه أيضا إن عزم على الرجوع ، والأحوط تأخيره إلى شروعه فيه إن تيسر ، ولا [ ص: 163 ] يعطى لمدة الإقامة إلا إقامة مدة المسافرين كما في الروضة ، وهو شامل لما لو أقام لحاجة يتوقعها كل وقت فيعطى لثمانية عشر يوما ، وهو المعتمد كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى خلافا لبعض المتأخرين ( و ) يعطى ( الغازي ) إذا حان وقت خروجه ( قدر حاجته ) اللائقة به وبممونه كما صرح به الفارقي وابن أبي عصرون في النفقة ، وقال الرافعي : إنه غير بعيد وقياسا في الكسوة ( لنفقة وكسوة ذاهبا وراجعا ومقيما هناك ) أي في الثغر أو نحوه إلى الفتح وإن طالت الإقامة ; لأن اسمه لا يزول بذلك ، بخلاف السفر لابن السبيل ، ويعطيان جميع المؤنة لا ما زاد بسبب السفر فقط ومؤنة من تلزمهما مؤنته ولم يقدروا المعطى لإقامة الغازي ، ويتجه كما بحثه الأذرعي إعطاؤه لأقل ما تظن إقامته ثم ، فإن زاد زيد له ، ويغتفر النقل حينئذ لدار الحرب للحاجة أو تنزل إقامته ثم لمصلحة المسلمين منزلة إقامته ببلد المال

                                                                                                                            ( و ) يعطيه الإمام لا المالك لامتناع الإبدال في الزكاة عليه ( فرسا ) إن كان ممن يقاتل فارسا ( وسلاحا ) وإن لم يكن بشراء لما يأتي ( ويصير ذلك ) أي الفرس والسلاح ( ملكا له ) إن أعطى الثمن فاشترى لنفسه أو دفعهما له الإمام ملكا له إذا رآه ، بخلاف ما إذا استأجرهما له أو أعاره إياهما لكونهما موقوفين عنده إذ له شراؤهما من هذا السهم وبقاؤهما ووقفهما ، وتسمية ذلك عارية مجاز إذ الإمام لا يملكه والآخذ لا يضمنه وإن تلف بل القول قوله فيه بيمينه كالوديع ، لكن لما وجب ردهما عند انقضاء الحاجة منهما أشبها العارية ( ويهيأ له ) أي من جهة الإمام للغازي ( ولابن السبيل مركوب إن كان السفر طويلا أو ) قصيرا ولكنه ( كان ضعيفا لا يطيق المشي ) بالضابط المار في الحج كما هو واضح دفعا لضرورته ، بخلاف ما إذا قصر ، وهو قوي وأعطي الغازي مركوبا غير الفرس كما علم من صريح العبارة لتوفر فرسه للحرب ، إذ ركوبه في الطريق يضعفه ( وما ينقل عليه الزاد ومتاعه ) لحاجته إليه ( إلا أن يكون قدرا يعتاد مثله حمله بنفسه ) لانتفاء الحاجة

                                                                                                                            وأفهم التعبير بيهيأ استرداد المركوب ، وما ينقل عليه الزاد والمتاع إذا رجعا ، وهو كذلك ، ومحله في الغازي إن لم يملكه له الإمام إذا رآه ; لأنه لحاجتنا إليه أقوى استحقاقا من ابن السبيل فلذا استرد منه ولو ما ملكه إياه ، وشمل إطلاقه ابن السبيل ما لو كان سفره للنزهة ، لكن بحث الزركشي منع صرف الزكاة فيما لا ضرورة إليه ، والأوجه حمله على ما إذا كان الحامل له على السفر للنزهة ، ويعطي المؤلف ما يراه الدافع والعامل أجرة عمله ، فإن زاد سهمه عليها رد الفاضل على بقية الأصناف أو نقص كمل من مال الزكاة أو من سهم المصالح ، ولو رأى الإمام جعل العامل من بيت المال إجارة أو جعالة جاز وبطل سهمه فتقسم الزكاة على بقية الأصناف كما لو لم يكن عامل .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله المار ) وهو المكاتب كتابة صحيحة ( قوله : والأحوط تأخيره ) أي [ ص: 163 ] إن وجد شرط النقل بأن كان المفرق المالك انتهى .

                                                                                                                            حج : أي أما إن كان المفرق الإمام فلا يحتاج إلى اعتبار شرط فيه ; لأن له النقل من غير شرط ، وقوله إلى شروعه فيه : أي في الرجوع ( قوله : مدة المسافرين ) قضيته أنه لا يعطى لما زاد على مدة المسافرين وإن كان عدم خروجه لانتظار رفقة أو أهبة يعلم عدم حصولها قبل ما يقطع مدة السفر ، ولو قيل بإعطائه في تلك المدة لم يكن بعيدا ، وتقدم أنه لو تأخر خروجه لانتظار ما ذكر لم يسترده منه ( قوله : إذا حان ) أي دخل ( قوله : ويغتفر النقل ) أي حيث كان المفرق المالك .

                                                                                                                            أما الإمام فله النقل مطلقا فلا يحتاج بالنسبة له لقوله ويفتقر إلخ ( قوله : لامتناع الإبدال ) صريح في أن للإمام إبدالها بما يرى فيه المصلحة للمستحقين ، وقوله له فاشترى لنفسه : أي بإذن الإمام ( قوله : المار في الحج ) أي بأن تلحقه مشقة لا تحتمل عادة ( قوله : ولو ما ملكه ) أي شيئا ( قوله : والأوجه حمله إلخ ) قضيته أنه إذا كان الحامل على السفر مجرد النزهة لا يعطى ، ويخالفه ما جزم به بعد قول المصنف وعدم المعصية من قوله ولو سفر نزهة إلا أن يحمل الأول على ما إذا كانت النزهة حاملة على [ ص: 164 ] اختيار طريق يسلكه مثلا لا على أصل السفر فليتأمل .

                                                                                                                            أو كانت النزهة لإزالة نحو مرض به




                                                                                                                            الخدمات العلمية