الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6720 ) فصل : وما لا يجوز أخذه قصاصا ، لا يجوز بتراضيهما واتفاقهما عليه ; لأن الدماء لا تستباح بالاستباحة والبذل ، ولذلك لو بذلها له ابتداء ، لا يحل أخذها ، ولا يحل لأحد قتل نفسه ، ولا قطع طرفه ، فلا يحل لغيره ببذله ، فلو تراضيا على قطع إحدى اليدين بدلا عن الأخرى ، فقطعها المقتص ، سقط القود ، لأن القود سقط في الأولى بإسقاط صاحبها ، وفي الثانية بإذن صاحبها في قطعها ، ودياتهما متساوية ، وهذا قول أبي بكر ولذلك قال : لو قطع المقتص اليد الأخرى عدوانا ، لسقط القصاص ، لأنهما تساويا في الألم والدية والاسم ، فتقاصا وتساقطا ، ولأن إيجاب القصاص يفضي إلى قطع يدي كل واحد منهما ، وإذهاب منفعة الجنس ، وإلحاق الضرر العظيم بهما جميعا . ولا تفريع على هذا القول لوضوحه ، وكل واحد من القطعين مضمون بسرايته لأنه عدوان .

                                                                                                                                            وقال ابن حامد : إن كان أخذها عدوانا ، فلكل واحد منهما القصاص على صاحبه ، وإن أخذها بتراضيهما ، فلا قصاص في الثانية ، لرضا صاحبها ببذلها ، وإذنه في قطعها ، وفي وجوبه في الأولى وجهان ، أحدهما : يسقط ، لما ذكرنا . والثاني ، لا يسقط ، لأنه رضي بتركه بعوض لم يثبت ، فكان له الرجوع إلى حقه ، كما لو باعه سلعة بخمر وقبضه إياه . فعلى هذا ، له القصاص إلا أنه لا يقتص إلا بعد اندمال الأخرى ، وللجاني دية يده ، فإذا وجب للمجني عليه دية يده ، وكانت الديتان واحدة ، تقاصا ، وإن كانت إحداهما أكبر من الأخرى ، كالرجل مع المرأة ، وجب القصاص لصاحبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية