الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                225 ص: فإن قيل: فهل في هذا من فضل فيلتمس؟ قيل له: نعم، قد حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن أبي غطيف الهذلي ، قال: " صليت مع عبد الله بن عمر بن الخطاب الظهر، فانصرف في مجلس في داره، فانصرفت معه حتى إذا نودي بالعصر دعى بوضوء فتوضأ ثم خرج وخرجت معه، فصلى العصر، ثم رجع إلى مجلسه ورجعت معه حتى إذا نودي بالمغرب دعى بوضوء فتوضأ، فقلت له: أي شيء هذا يا أبا عبد الرحمن ، ؟ الوضوء عند كل صلاة؟! فقال: وقد فطنت لهذا مني؟ ليست سنة إن كان لكافيا وضوئي لصلاة الصبح وصلواتي كلها ما لم أحدث، ولكني سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: من توضأ على طهر كتب الله له بذلك عشر حسنات ، ففي ذلك رغبت يا ابن أخي" .

                                                [ ص: 378 ] فقد يجوز أن يكون رسول الله - عليه السلام - إنما فعل ذلك -[ما روى] عنه بريدة - لإصابة الفضل لا لأن ذلك كان واجبا عليه.

                                                التالي السابق


                                                ش: إيراد هذا السؤال على قوله: كان [يفعل] ذلك طلبا للفضل.

                                                قوله: "فيلتمس" بالرفع أي فهو يلتمس؟

                                                قوله: "حدثنا" بيان لما قاله من قوله المذكور.

                                                ويونس هو ابن عبد الأعلى ، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي قاضيها ، فيه مقال، روى له الأربعة. وأبو غطيف -بضم الغين المعجمة وفتح الطاء المهملة- ويقال: "غضيف" روى له أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": مختصرا وقال: ثنا عبدة بن سليمان ، عن الإفريقي ، عن أبي غطيف ، عن ابن عمر ، قال: سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: "من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات" .

                                                وقال الترمذي : وروي في حديث عن ابن عمر ، عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات" وروى هذا الحديث الإفريقي ، عن أبي غطيف ، عن ابن عمر ، عن النبي - عليه السلام - حدثنا بذلك الحسن بن حريث المروزي ، قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن الإفريقي ، وهو إسناد ضعيف.

                                                قوله: "دعى بوضوء" بفتح الواو في الموضعين، وهو الماء الذي يتوضأ به.

                                                قوله: "يا أبا عبد الرحمن : الوضوء" هذا بضم الواو.

                                                قوله: "وقد فطنت" من الفطنة، وهو الفهم، تقول: فطنت الشيء -بالفتح- ورجل فطن وفطن، وقد فطن -بالكسر- فطنة وفطانة وفطانية.

                                                [ ص: 379 ] قوله: "إن كان لكافيا" إن هذه مخففة من المثقلة، وأصله: إنه كان كافيا، أي: إن الشأن كان وضوئي لكافيا، و"كافيا" خبر كان مقدم على اسمه، وهو قوله: "وضوئي".

                                                فإن قلت: ما الحكمة في تنصيص هذا العدد بالعشر؟

                                                قلت: قالوا: إن هذا أمر شرعي لا مجال للعقل فيه، وسنح بخاطري من الأنوار الربانية في حكمة هذا العدد أن بالوضوء الأول حصل له خمس حسنات باعتبار أنه يمكن أن يصلي به خمس صلوات ثم بالوضوء الثاني تضاعف الأجر فيصير عشر حسنات!!




                                                الخدمات العلمية