الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : ( ومن له القصاص في الطرف إذا استوفاه ثم سرى إلى النفس ومات يضمن دية النفس عند أبي حنيفة وقالا : لا يضمن ) لأنه استوفى حقه وهو القطع ، ولا يمكن التقييد بوصف السلامة لما فيه من سد باب القصاص ، إذ الاحتراز عن السراية ليس في وسعه فصار كالإمام والبزاغ والحجام والمأمور بقطع اليد . وله أنه قتل بغير حق لأن حقه في القطع وهذا وقع قتلا ولهذا لو وقع ظلما كان قتلا . ولأنه جرح أفضى إلى فوات الحياة في مجرى العادة وهو مسمى القتل ، إلا أن القصاص سقط للشبهة فوجب المال بخلاف ما استشهدا به من المسائل إلا أنه مكلف فيها بالفعل ، إما تقلدا كالإمام أو عقدا كما في غيره منها . [ ص: 260 ] والواجبات لا تتقيد بوصف السلامة كالرمي إلى الحربي ، وفيما نحن فيه لا التزام ولا وجوب ، إذ هو مندوب إلى العفو فيكون من باب الإطلاق فأشبه الاصطياد .

التالي السابق


( قوله بخلاف ما استشهدا به من المسائل لأنه مكلف فيها بالفعل ، إما تقلدا كالإمام ، أو عقدا كما في غيره منها ) أقول : فيه تساهل ، لأن من تلك المسائل ما لا يجب فعله لا تقلدا ولا عقدا وهو المأمور بقطع اليد ، فإن المراد به ما إذا [ ص: 260 ] قال : اقطع يدي ففعل فسرى إلى النفس فمات كما صرح به في الكافي وعامة الشروح فلم يتم قول المصنف أو عقدا كما في غيره منها فإن العقد إنما يتحقق في البزاغ والحجام منها دون المأمور بالقطع مع أنه غير الإمام وأنه من تلك المسائل أيضا ، ولا يجدي التشبث بالتغليب نفعا هنا ، لأن قوله بعده والواجبات لا تتقيد بوصف السلامة لا يتمشى في تلك المسألة ، إذ لا يجب على المأمور بالقطع القطع بل هو تبرع منه كما لا يخفى ، فيلزم أن يكون الدليل المذكور في الكتاب قاصرا عن إفادة الفرق في حق تلك المسألة كما ترى .

نعم يمكن الفرق في حقها أيضا بأن يقال لما فعل المأمور بالقطع بإذن الآمر انتقل حكم الفعل إلى الآمر فصار كما لو قطع يد نفسه وفي ذلك لا ضمان ، لكن الكلام في قصور عبارة الكتاب عن إفادة تمام المرام وهذا مما لا ريب فيه .




الخدمات العلمية