الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 443 ] فصل ( ما ورد في قطع شجر السدر وسبه )

قال أبو داود : في الأدب في ( باب قطع السدر ) ثنا نصر بن علي أنبأنا أبو أسامة عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن حبشي رضي الله عنه قال : قال رسول الله . { من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار . } ثنا مخلد بن خالد وسلمة يعني ابن شبيب قالا : أنبأنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن عثمان بن أبي سليمان عن رجل من ثقيف عن عروة بن الزبير يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه .

ثنا عبد الله بن عمر بن ميسرة وحميد بن مسعدة ، قالا : ثنا حسان بن إبراهيم قال : سألت هشام بن عروة عن قطع السدر وهو مستند إلى قصر عروة فقال : أترى هذه الأبواب المصاريع إنما هي من سدر عروة يقطعه من أرضه وقال : لا بأس به وزاد أحمد فقال هي يا عراقي جئتني ببدعة قال : قلت إنما البدعة من قبلكم سمعت من يقول بمكة { : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قطع السدر } ثم ساق معناه . انتهى ما ذكره أبو داود ، والحديث الأول إسناده جيد .

ورواه النسائي من حديث ابن جريج وجعل بعضهم الثاني علة للأول ، ولعل أبا داود أراد هذا

. وقد قال الإمام أحمد والعقيلي وغيرهما لا يصح فيه حديث وقد ذكر الأصحاب رحمهم الله أو من ذكر منهم في الفضائل والآداب دون هذا .

وقال في النهاية : قيل : أراد سدر مكة وقيل : المدينة ليكون أنسا وظلا للمهاجرين إليها ، وقيل : أراد السدر في الفلاة يستظل به أبناء السبيل والحران أو في ملك إنسان قال : ومع هذا فالخبر مضطرب الرواية ، فإن أكثر ما يروى عن عروة بن الزبير وكان هو يقطعه قال : وأهل العلم مجمعون على إباحة [ ص: 444 ] قطعه وفي هذا الإجماع مع ذكره القول الثالث نظر إلا أن يكون أراد بالإجماع لا يحرم ، وأراد صاحب القول الكراهة ، وقوله : أكثر ما يروى عن عروة متوجه ، والله أعلم .

وقد قال إسحاق بن إبراهيم في الأدب من مسائله سألته يعني الإمام أحمد عن السدرة تكون في الدار فتؤذي أتقطع قال : لا تقطع من أصلها ولا بأس أن تقطع شاخاتها فيحتمل أن يقال : هذا النص يدل على كراهة القطع ، وتضعيفه للحديث يدل على إباحته فيكون عنه روايتان ، ويحتمل أن يقال : هذا يدل على الكراهة ، والخبر الضعيف يحتج به أحمد وغيره في مثل هذا وقد يقال : إذا ضعف أحمد الخبر فينبغي أن يخرج العمل به في مثل هذا على ما سبق في آداب القراءة والدعاء ، والله أعلم .

وذكر في مقبول المنقول في أول كتاب اللواحق أن أبا داود سئل عن معنى هذا الحديث فقال : هذا الحديث مختصر يعني { من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه في النار } .

التالي السابق


الخدمات العلمية