الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3442 حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبع حاضر لباد وذروا الناس يرزق الله بعضهم من بعض

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( وذروا الناس ) أي اتركوهم ليبيعوا متاعهم رخيصا ( يرزق الله ) بكسر القاف على أنه مجزوم في جواب الأمر وبضمها على أنه مرفوع . قاله القاري . وفي مسند أحمد من طريق عطاء بن السائب عن حكيم بن أبي يزيد عن أبيه حدثني أبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعضهم ، فإذا استنصح الرجل فلينصح له ورواه البيهقي من حديث جابر مثله .

                                                                      قال الشوكاني : وهذه الأحاديث تدل على أنه لا يجوز للحاضر أن يبيع للبادي من غير فرق بين أن يكون البادي قريبا له أو أجنبيا وسواء كان في زمن الغلاء أو لا ، وسواء كان يحتاج إليه أهل البلد أم لا ، وسواء باعه له على التدريج أم دفعة واحدة . وقالت الحنفية : إنه يختص المنع من ذلك بزمن الغلاء وبما يحتاج إليه أهل المصر . وقالت الشافعية والحنابلة : [ ص: 243 ] إن الممنوع إنما هو أن يجيء البلد بسلعة يريد بيعها بسعر الوقت في الحال فيأتيه الحاضر فيقول : ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر . قال في الفتح : فجعلوا الحكم منوطا بالبادي ومن شاركه في معناه . قالوا : وإنما ذكر البادي في الحديث لكونه الغالب فألحق به من شاركه في عدم معرفة السعر من الحاضرين ، وجعلت المالكية البداوة قيدا ، وعن مالك : لا يلتحق بالبدوي في ذلك إلا من كان يشبهه . فأما أهل القرى الذين يعرفون أثمان السلع والأسواق فليسوا داخلين في ذلك . وحكى ابن المنذر عن الجمهور أن النهي للتحريم إذا كان البائع عالما والمبتاع مما تعم الحاجة إليه ولم يعرضه البدوي على الحضري . وقد ذكر ابن دقيق العيد فيه تفصيلا حاصله أن يجوز التخصيص به حيث يظهر المعنى لا حيث يكون خفيا ، فاتباع اللفظ أولى ولكنه لا يطمئن الخاطر إلى التخصيص به مطلقا ، فالبقاء على ظواهر النصوص هو الأولى ، فيكون بيع الحاضر للبادي محرما على العموم وسواء كان بأجرة أم لا . وروي عن البخاري أنه حمل النهي على البيع بالأجرة لا بغير أجرة فإنه من باب النصيحة . وروي عن عطاء ومجاهد وأبي حنيفة أنه يجوز بيع الحاضر للبادي مطلقا ، وتمسكوا بأحاديث النصيحة . انتهى مختصرا والله أعلم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية