الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 722 ) مسألة : قال : ( ويجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويكون على أطراف أصابعه ) وجملته أن من السنة أن يجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه إذا سجد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في سجوده . قال أبو عبد الله ، في " رسالته " : جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم { ، أنه كان إذا سجد لو مرت بهيمة لنفدت } ، وذلك لشدة مبالغته في رفع مرفقيه وعضديه . ورواه أيضا أبو داود في حديث أبي حميد { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه } ، ولأبي داود { . ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ، ونحى يديه عن جنبيه ، ووضع يديه حذو منكبيه } . وقال أبو إسحاق الشعبي : وصف لنا البراء السجود ، فوضع يديه بالأرض ، ورفع عجيزته ، وقال : هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل . وقال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد جخ . والجخ : الخاوي . رواهما أبو داود والنسائي .

                                                                                                                                            ويستحب أن يكون على أطراف أصابع رجليه ، ويثنيهما إلى القبلة . وقال أحمد : ويفتح أصابع رجليه ، ليكون أصابعهما إلى القبلة . ويسجد على صدور قدميه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم } . ذكر منها أطراف القدمين ، وفي لفظ ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { سجد غير مفترش ولا قابضهما ، واستقبل بأطراف رجليه القبلة } . من رواية البخاري . ومن رواية الترمذي : وفتح أصابع رجليه . وهذا معناه . ومن رواية أبي داود : سجد ، فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه ، وهو ساجد .

                                                                                                                                            ( 723 ) فصل : ويستحب أن يضع راحتيه على الأرض ، مبسوطتين ، مضمومتي الأصابع بعضها إلى بعض ، مستقبلا بهما القبلة ، ويضعهما حذو منكبيه . ذكره القاضي ، وهو مذهب الشافعي ; لقول أبي حميد : إن النبي صلى الله عليه وسلم وضع كفيه حذو منكبيه .

                                                                                                                                            وروى الأثرم قال : رأيت أبا عبد الله سجد ويداه بحذاء أذنيه . وروي ذلك عن ابن عمر ، وسعيد بن جبير ; لما روى وائل بن حجر { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه } ، رواه الأثرم ، وأبو داود ، ولفظه : ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه . والجميع حسن .

                                                                                                                                            ( 724 ) فصل : والكمال في السجود على الأرض أن يضع جميع بطن كفيه ، وأصابعه على الأرض ، ويرفع مرفقيه ، فإن اقتصر على بعض باطنهما ، أجزأه . قال أحمد : إن وضع من اليدين بقدر الجبهة ، أجزأه .

                                                                                                                                            وإن جعل ظهور كفيه إلى الأرض ، وسجد عليهما ، أو سجد على أطراف أصابع يديه ، فظاهر الخبر أنه يجزئه ; لأنه أمر بالسجود على اليدين ، وقد سجد عليهما . وكذلك لو سجد على ظهور قدميه ، فإنه قد سجد على القدمين ، ولا يخلو من إصابة بعض أطراف قدميه الأرض ، فيكون ساجدا على أطراف قدميه ، ولكنه يكون تاركا للأفضل الأحسن ; لما ذكرنا من الأحاديث في ذلك . [ ص: 307 ]

                                                                                                                                            ( 725 ) فصل : ويستحب أن يفرق بين ركبتيه ورجليه ; لما روى أبو حميد قال : وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه .

                                                                                                                                            ( 726 ) فصل : وإذا أراد السجود فسقط على وجهه ، فماست جبهته الأرض ، أجزأه ذلك وإن لم ينو . إلا أن يقطع نية السجود ، فلا يجزئه .

                                                                                                                                            وإن انقلب على جنبه ، ثم انقلب ، فماست جبهته الأرض ، لم يجزه ذلك ، إلا أن ينوي السجود . والفرق بين المسألتين : أنه هاهنا خرج عن سنن الصلاة وهيئاتها ، ثم كان انقلابه الثاني عائدا إلى الصلاة ، فافتقر إلى تجديد النية ، وفي التي قبلها هو على هيئة الصلاة وسنتها ، فاكتفي باستدامة النية .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية