الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ للتحليل بعد الطلاق الثلاث ]

المثال الرابع عشر بعد المائة : إذا وقع الطلاق الثلاث بالمرأة ، وكان دينها ودين وليها وزوجها المطلق أعز عليهم من التعرض للعنة الله ومقته بالتحليل الذي لا يحلها ، ولا يطيبها بل يزيدها خبثا فلو أنها أخرجت من مالها ثمن مملوك فوهبته لبعض من تثق به فاشترى به مملوكا ثم خطبها على مملوكه فزوجها منه فدخل بها المملوك ثم وهبها إياه انفسخ النكاح ، ولم يكن هناك تحليل مشروط ، ولا منوي ممن تؤثر نيته وشرطه ، وهو الزوج ; فإنه لا أثر لنية الزوجة ، ولا الولي ، وإنما التأثير لنية الزوج الثاني ، فإنه إذا نوى التحليل كان محللا فيستحق اللعنة ثم يستحقها الزوج المطلق إذا رجعت إليه بهذا النكاح الباطل ، فأما إذا لم يعلم الزوج الثاني ، ولا الأول بما في قلب المرأة أو وليها من نية التحليل لم يضر ذلك العقد شيئا .

وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم من امرأة رفاعة أنها كانت تريد أن ترجع إليه ، ولم يجعل ذلك مانعا من رجوعها إليه ، وإنما جعل المانع عدم وطء الثاني فقال : { حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك } .

وقد صرح أصحابنا بأن ذلك يحلها ، فقال صاحب المغني فيه : فإن تزوجها مملوك ووطئها أحلها ، وبذلك قال عطاء ومالك والشافعي ، وأصحاب الرأي ، ولا نعلم لهم مخالفا . قلت : هذه الصورة غير الصورة التي منع منها الإمام أحمد ، فإنه منع من حلها إذا كان الزوج المطلق قد اشترى العبد وزوجه بها بإذن وليها ليحلها ، فهذه حيلة لا تجوز عنده ، وأما هذه المسألة فليس للزوج الأول ، ولا للثاني فيها نية ، ومع هذا فيكره ; لأنها نوع حيلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية