الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أني ارتهنت عينا أو قناة أو جزءا من شرب بئر أو جزءا من شرب عين أو جزءا من شرب نهر ، أيكون لرب البئر أو لرب النهر أو رب العين أو رب القناة أن يكري ذلك أم لا ؟ قال : لا يكون لرب الأرض أن يكريها ، ولا يكون هذا الذي ذكرت رهنا حتى يقبض ، فإذا قبض صار رهنا . قلت : وكيف يكون قبض هذا لهذا الذي سألتك عنه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قبضه أن يحوزه ويحول بين صاحبه وبينه ، فإذا قبضه وحازه صار مقبوضا . قلت : أفيكون للمرتهن أن يكري ماء هذه البئر أو ماء هذه القناة أو ماء هذه العين من غير أن يأمره ربها بذلك ؟ قال : إن لم يأمره ربها بذلك ، بأن يكري ترك ، ولم يكره ، وإن أمره بذلك أكراه وكان الكراء لرب الأرض . قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك في الرجل يرتهن الدار .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : فليس لرب الدار أن يكريها ، ولكن للمرتهن أن يكريها بأمر صاحب الدار ويلي المرتهن الكراء ، ويكون الكراء لرب الدار . قلت : ولا يكون الكراء رهنا في حقه ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك : لا يكون الكراء رهنا إلا أن يشترطه المرتهن ، فيكون له رهنا مع الدار إذا اشترطه . قال مالك : وإن [ ص: 476 ] اشترط أن يكريها ويأخذ كراءها في حقه قال مالك : فإن كان دينه ذلك من ، بيع فلا يجوز شرطه هذا ، وإن كان دينه من قرض فذلك جائز . قلت : ولم قال مالك إذا كان ذلك من بيع لم يكن جائزا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه لا يدري ما يقبض أيقل أم يكثر أم تنهدم الدار قبل أن يقتضي . قلت : وإنما كره مالك هذا إذا كان البيع وقعت صفقته على أن يرتهن هذه الدار أو يكريها ويأخذ حقه من كرائها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم . قلت : فإن لم تقع صفقة البيع على أن يرتهن الدار أو يكريها ويأخذ حقه من كرائها ، ولكني بعته بيعا ثم ارتهنت منه الدار بعد ذلك ، فأمرني أن أكريها وآخذ كراءها حتى أستوفي ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا بأس بهذا عند مالك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية