الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 377 ] البردة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الحافظ البيهقي : وأما البرد الذي عند الخلفاء فقد روينا عن محمد بن إسحاق بن يسار في قصة تبوك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى أهل أيلة برده مع كتابه الذي كتب لهم أمانا لهم ، فاشتراه أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار . يعني بذلك أول خلفاء بني العباس وهو السفاح ، رحمه الله ، وقد توارث بنو العباس هذه البردة خلفا عن سلف ، كان الخليفة يلبسها يوم العيد على كتفيه ويأخذ القضيب المنسوب إليه ، صلوات الله وسلامه عليه ، في إحدى يديه ، فيخرج وعليه من السكينة والوقار ما يصدع به القلوب ، ويبهر به الأبصار ، ويلبسون السواد في أيام الجمع والأعياد ، وذلك اقتداء منهم بسيد أهل البدو والحضر ، ممن سكن الوبر والمدر; لما أخرجه البخاري ومسلم إماما أهل الأثر من حديث مالك ، عن الزهري ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر . وفي رواية : وعليه عمامة سوداء ، وفي رواية : قد أرخى طرفها بين كتفيه . صلوات الله وسلامه عليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال البخاري : ثنا مسدد ، ثنا إسماعيل ، ثنا أيوب ، عن حميد ، عن أبي بردة قال : أخرجت إلينا عائشة كساء وإزارا غليظا ، فقالت : قبض روح [ ص: 378 ] النبي صلى الله عليه وسلم في هذين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وللبخاري من حديث الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن عائشة وابن عباس ، قالا : لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم كشفها عن وجهه ، فقال وهو كذلك : لعنة الله على اليهود والنصارى; اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا . قلت : وهذه الأثواب الثلاثة لا يدرى ما كان من أمرها بعد هذا ، وقد تقدم أنه عليه الصلاة والسلام طرحت تحته في قبره الكريم قطيفة حمراء كان يصلي عليها ، ولو تقصينا ما كان يلبسه في أيام حياته لطال الفصل ، وموضعه كتاب اللباس من كتاب " الأحكام الكبير " إن شاء الله ، وبه الثقة وعليه التكلان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية