الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما أبو حنيفة فالكلام معه في فصلين :

                                                                                                                                            أحدهما : إثباته سجدة " ص " في العزائم برواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في [ ص: 204 ] سورة " ص " والدلالة على أنها سجدة شكر لا عزيمة رواية الشافعي عن سفيان بن عيينة ، عن عبدة ، عن ذر ، عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في سورة " ص " ، وقال سجدها داود للتوبة ، ونحن نسجدها شكرا لله سبحانه على قبول توبة داود عليه السلام ، قال ابن عباس : سجد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست من العزائم .

                                                                                                                                            والفصل الثاني : في إسقاط السجدة الثانية من الحج استدلالا بأن سجود العزائم في القرآن إنما ورد بلفظ الإخبار ، أو على سبيل الذم ، والسجدة الثانية من الحج وردت بلفظ الأمر ، فخالفت سجود العزائم ، وشابهت قوله تعالى : فاسجدوا [ النجم : 42 ] ، وكن من الساجدين وقوله تعالى : ومن الليل فاسجد له [ الإنسان : 26 ] فاسجد له وسبحه ليلا طويلا [ الإنسان : 26 ] فلما ورد ذلك بلفظ الأمر سقط السجود له كذلك السجدة الثانية من الحج ، والدليل على إثباتها في سجود العزائم رواية عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل في الحج سجدتان قال : " نعم ، من لم يسجدهما لم يقرأهما ولأن السجدة الثانية أوكد من الأولى لورودها بلفظ الأمر ، وورود الأولى بلفظ الإخبار ، فكان السجود لها أولى ، فأما اعتبار أبي حنيفة فلا يصح ، لأن قوله تعالى : فاسجدوا لله واعبدوا [ النجم : 62 ] أمر وكل ذلك من سجود العزائم ، وقد ورد لفظ الإخبار فيما ليس بعزيمة ، وهو قوله تعالى : فسجد الملائكة كلهم أجمعون [ ص : 73 ] فعلم فساد اعتباره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية