الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              3590 3801 - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة، عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: " الأنصار كرشي وعيبتي، والناس سيكثرون ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم". [انظر: 3799- مسلم: 2510- فتح: 7 \ 121]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه ثلاثة أحاديث:

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 399 ] أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              قال البخاري: حدثنا محمد بن يحيى أبو علي، ثنا شاذان أخو عبدان، أنا شعبة بن الحجاج، عن هشام بن زيد قال: سمعت أنس بن مالك- رضي الله عنه- يقول: مر أبو بكر والعباس بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال: ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منا. فدخل على النبي- صلى الله عليه وسلم- وقد عصب رأسه حاشية برد، فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أوصيكم بالأنصار، قد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم".

                                                                                                                                                                                                                              شيخ البخاري أبو علي اليشكري المروزي الصائغ، أحد الحفاظ، روى عنه مسلم والنسائي أيضا، وقال: ثقة. مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

                                                                                                                                                                                                                              وشاذان لقب، واسمه عبد العزيز بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد ميمون أبو الفضل، تفرد به البخاري، ولد بعد أخيه عبدان بن عثمان ابن عبد الرحمن بثلاث سنين في المحرم سنة ثمان وأربعين ومائة، بعده بثمان سنين، [ومات] سنة تسع وعشرين ومائتين، ومولد عبدان سنة خمس وأربعين ومائة، ومات في شعبان سنة إحدى وعشرين ومائتين. روى عنه البخاري، وروى هو أيضا ومسلم وأبو داود والنسائي عن رجل، عنه، عن أبيه، وأبوهما عثمان بن أخي عثمان بن أبي رواد، وأبو رواد أخو أبي حفصة واسمه ثابت، والد عمارة بن أبي حفصة، قد اتفقا على عثمان بن أبي جبلة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 400 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "الأنصار كرشي وعيبتي" أي: بطانتي وخاصتي، قال أبو زيد: الكرش: الجماعة، وقاله ابن فارس، وزاد: كرش الرجل: عياله من صغار ولده، وقال الخطابي: الكرش: عيال الرجل وأهله. قال القزاز: ضرب المثل بالكرش; لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون بها بقاؤه، وقد يكون عيال الرجل وأهله، يقال: لفلان عيال كرش منثورة، أي: عيال كثيرون. والعيبة-بفتح العين المهملة-: ما يخزن الرجل فيها ثيابه، يريد أنهم موضع سره وأمانته، وهو مما ضرب المثل به، وهو من الكلام الوجيز الذي لم يسبق إليه.

                                                                                                                                                                                                                              وذكر ابن دريد في "مجتباه" عدة من ذلك، منها: "حمي الوطيس"، و"مات حتف أنفه"، و"لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، و"يا خيل الله اركبي"، و"كل الصيد في جوف الفرا"، و"الحرب خدعة"،

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 401 ] و"إياكم وخضراء الدمن"، و"إن مما ينبت الربيع لما يقتل حبطا"، و"ليس الخبر كالمعاينة"، و"المجالس بالأمانة"، و"البلاء موكل بالمنطق"، و"الأعمال بالنيات"، و"اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع" و"سيد القوم خادمهم" [ضعيف]، و"أعجل الأشياء عقوبة البغي"، و"نية المؤمن خير من عمله" [ضعيف].

                                                                                                                                                                                                                              الحديث الثاني:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أحمد بن يعقوب، ثنا ابن الغسيل، سمعت عكرمة يقول: سمعت ابن عباس يقول: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعليه ملحفة، متعطفا

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 402 ] بها على منكبيه، وعليه عصابة دسماء حتى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد، أيها الناس، فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار، حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم".


                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف في أواخر علامات النبوة.

                                                                                                                                                                                                                              و(أحمد) شيخ البخاري كنيته أبو يعقوب المسعودي الكوفي، من أفراد البخاري ثقة.

                                                                                                                                                                                                                              و(ابن) الغسيل، اسمه عبد الرحمن-أبو سليمان- بن سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة-غسيل الملائكة يوم أحد- بن أبي عامر الراهب- وسماه- صلى الله عليه وسلم- الفاسق- ومات بالشام، واسمه عبد عمرو بن ضبعي.

                                                                                                                                                                                                                              والدسماء: السوداء، وقال الداودي: هي الوسخة من عرق المؤمن والغبار.

                                                                                                                                                                                                                              الحديث الثالث:

                                                                                                                                                                                                                              حديث قتادة، عن أنس- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "الأنصار كرشي وعيبتي، والناس سيكثرون ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم".

                                                                                                                                                                                                                              وقد مر تفسيره قريبا.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية