الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              ( تركيب ) وهي المسألة الثانية : فأما العاصي المعين ، فلا يجوز لعنه اتفاقا ، لما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم جيء إليه بشارب خمر مرارا ، فقال بعض من حضره : ما له لعنه الله ، ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم } ; فجعل له حرمة الأخوة ، وهذا يوجب الشفقة ، وهذا حديث صحيح .

                                                                                                                                                                                                              وأما لعن العاصي مطلقا ، وهي المسألة الثالثة : فيجوز إجماعا ، لما روي في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده } .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 76 ] وقد قال بعض علمائنا في تأويل هذه الآية : إن معناه عليهم اللعنة يوم القيامة ، كما قال تعالى : { ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا } .

                                                                                                                                                                                                              والذي عندي صحة لعنه في الدنيا لمن وافى كافرا بظاهر الحال ، وما ذكر الله تعالى عن الكفرة من لعنتهم وكفرهم فيما بينهم حالة أخرى ، وبيان لحكم آخر وحالة واقعة تعضد جواز اللعن في الدنيا ; وتكون هذه الآية لجواز اللعن في الدنيا ، فيكون للآيتين معنيان .

                                                                                                                                                                                                              فإن قيل : فهل تحكمون بجواز لعنة الله لمن كان على ظاهر الكفر ، وقد علم الله تعالى موافاته مؤمنا ؟ قلنا : كذلك نقول ، ولكن لعنة الله له حكمه بجواز لعنه لعباده المؤمنين أخذا بظاهر حاله ، والله أعلم بمآله .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية