الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 2005 ] 3009 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : العمرى جائزة . متفق عليه .

التالي السابق


3009 - ( وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - العمرى ) : بضم مهملة وسكون ميم وفتح راء بعده ألف مقصورة ، قال العسقلاني : " وحكي ضم الميم مع ضم أوله ، وحكي فتح أوله مع السكون مأخوذة من العمر ، والرقبى بوزنها مأخوذة من المراقبة ( جائزة ) : قال النووي - رحمه الله - : العمرى قول القائل أعمرتك هذه الدار أو جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما عشت أو ما يفيد هذا المعنى " ، قال ابن الملك : " أي : جعل الدار للمعمر له مدة حياته مع شرط أنه إذا مات ترد على الواهب ، وهذا الشرط باطل كما جاء به الحديث ، فهي له حال حياته ولورثته بعده ، قال النووي : " قال أصحابنا : للعمرى ثلاثة أحوال إحداها أن يقول أعمرتك هذه الدار ، فإذا مت فهي لورثتك أو لعقبك ، فيصح بلا خلاف ، ويملك رقبة الدار ، وهي هبة . فإذا مات فالدار لورثته وإلا فلبيت المال ولا تعود إلى الواهب بحال ، وثانيتها : أن يقتصر على قوله جعلتها لك عمرك ولا يتعرض لما سواه ففي صحته قولان للشافعي ، أصحهما وهو الجديد صحته وله حكم الحال الأولى ، وثالثتها : أن يقول جعلتها لك عمرك فإذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي ، ففي صحته خلاف ، والأصح عندنا صحته ، فيكون له حكم الأولى ، واعتمدوا على الأحاديث المطلقة ، وعدلوا به عن قياس الشروط ، وقال أحمد : " تصح العمرى المطلقة دون المؤقتة " وقال مالك : " العمرى في جميع الأحوال تمليك لمنافع الدار مثلا ولا يملك فيها رقبتها بحال ، ومذهب أبي حنيفة كمذهبنا ( متفق عليه ) : وفي الجامع الصغير للسيوطي : " العمرى جائزة لأهلها رواه أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والنسائي عن جابر ، وعن أبي هريرة أيضا ، ورواه أحمد ، وأبو داود والنسائي عن زيد بن ثابت ، وعن ابن عباس ، وروى مسلم وأبو داود ، والنسائي عن جابر بلفظ العمرى لمن وهبت له ، قال بعض الشراح من علمائنا : إن العمرى اسم من أعمرتك الشيء أي : جعلته لك مدة عمرك وهي جائزة بالاتفاق مملكة بالقبض كسائر الهبات ويورث المعمر من المعمر له كسائر أمواله على ما ذهب أكثر أهل العلم للحديثين المتعاقبين بعد هذا الحديث خلافا لمالك ، فإن عنده يرجع إلى المعمر ، وتمسك بما روي عن جابر بعدهما ، والجواب عن ذلك أنه تأويل حدث به جابر عن رأي واجتهاد وأحاديثه التي رواها عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - تدل على خلافه .




الخدمات العلمية