الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              3611 3823 - وعن قيس عن جرير بن عبد الله قال: كان في الجاهلية بيت يقال له: ذو الخلصة، وكان يقال له: الكعبة اليمانية، أو الكعبة الشأمية، فقال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: " هل أنت مريحي من ذي الخلصة؟". قال: فنفرت إليه في خمسين ومائة فارس من أحمس. قال: فكسرنا، وقتلنا من وجدنا عنده، فأتيناه، فأخبرناه، فدعا لنا ولأحمس.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث قيس عن جرير بن عبد الله- رضي الله عنه- قال: ما حجبني رسول

                                                                                                                                                                                                                              الله- صلى الله عليه وسلم- منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك.


                                                                                                                                                                                                                              وعنه: كان في الجاهلية بيت يقال له: ذو الخلصة، وكان يقال له: الكعبة اليمانية، والكعبة الشأمية، فقال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "هل أنت مريحي من ذي الخلصة؟ ". قال: فنفرت إليه في مائة وخمسين فارس من أحمس. قال: فكسرنا، وقتلنا من وجدنا عنده، فأتيناه فأخبرناه، فدعا لنا ولأحمس.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              (جرير) كنيته أبو عمرو جرير بن عبد الله بن جابر، وهو الشليل بشين معجمة، ابن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عوف بن خزيمة بن

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 435 ] مالك بن سعد بن نذير بن قسر-بفتح القاف- ابن عبقر بن أنمار بن إراش- بهمزة مكسورة- ابن عمرو بن الغوث بن نبت بن زيد بن كهلان
                                                                                                                                                                                                                              كذا ساقه الكلبي في جماعة، وقال ابن إسحاق ومصعب: أنمار بن نزار بن معد بن عدنان نسبوا إلى أمهم بجيلة، واختلفوا في بجيلة، فمنهم من جعله من اليمن وهو الأكثر، وقيل: من نزار بن معد كما نقلناه عن ابن إسحاق ومصعب، وكان سيدا مطاعا ملتجأ طوالا بديع الجمال، صحيح الإسلام، كبير القدر قال- صلى الله عليه وسلم-: "على وجهه مسحة ملك"، وعن عمر- رضي الله عنه- قال: إنه يوسف هذه الأمة.

                                                                                                                                                                                                                              ولما دخل على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أكرمه وبسط له رداءه وقال: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه" رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث قيس عنه قال: لما بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أتيته فقال لي: "يا جرير ما جاء بك؟ " قلت: لأسلم. وسلف في الجهاد، وعنه أيضا: ما حجبني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم.. الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              أسلم قبل وفاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رمضان سنة عشر، ووفد عليه قبل موته بأربعين يوما فيما قيل: أرسله إلى ذي الخلصة كما سلف، وقال: يا رسول الله، إني لا أثبت على الخيل فصكه في صدره، وقال: "اللهم اجعله هاديا مهديا". وقد سلف في الجهاد ويأتي في المغازي.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 436 ] وعند أبي زرعة-حفيده- وغيره: سكن الكوفة، ثم قرقيسياء فمات بها بعد الخمسين.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني من حديث موسى بن عبيدة، عن محمد بن إبراهيم عنه قال: بعثني النبي- صلى الله عليه وسلم- في أثر العرنيين، يعني: سنة ست من الهجرة.

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن قانع في "معجمه" من حديث شريك، عن أبي إسحاق، عن الشعبي، عنه قال: لما مات النجاشي سنة تسع في رجب قال- صلى الله عليه وسلم-: "إن أخاكم النجاشي هلك فاستغفروا له"، وفي النسائي أنه- صلى الله عليه وسلم- قال في حجة الوداع: "استنصت الناس"، ولابن سعد في "طبقاته" كان ذو الخلصة بيتا لخثعم، قال جرير: فنفرت في تسعين ومائة فارس من أحمس، وهو خلاف رواية البخاري السالفة، وفي البخاري: فنازل على خيل أحمس، ورجالها خمس مرات، وبعث جرير أبا أرطأة بشيرا، قال السهيلي: وكان من مقبلي الظعن، وكانت نعله طولها ذراع، وقال فيه عمر: إن جريرا يخطب إليكم ابنتكم وهو سيد من أهل المشرق، وسيأتي بعثه إلى اليمن.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 437 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              (ذو الخلصة) بيت لخثعم كما سلف، والخلصة في اللغة: نبت طيب يتعلق بالشجر له حب كعنب الثعلب، وجمع الخلصة خلص، ذكره أبو حنيفة، وزعم المبرد أن أبا عبيدة قال: موضعه اليوم مسجد جامع لبلدة يقال لها: العبلات من أرض خثعم، وكان بعث جرير إليه قبل موت النبي- صلى الله عليه وسلم- بشهرين، أو نحوهما.

                                                                                                                                                                                                                              وادعى السهيلي أنه ليس في البخاري.

                                                                                                                                                                                                                              و(الكعبة الشامية) وإنما عند مسلم وليس كذلك في بابه في البخاري كما سلف، ثم قال: وهذا مشكل ومعناه كان يقال له: الكعبة اليمانية، والكعبة الشامية بالبيت الحرام، قال: وزيادة (له) في الحديث سهو، وبإسقاطه يصح المعنى كما قاله بعض النحويين، وليس عندي بسهو، وإنما معناه كان يقال له: أي يقال من أجله الكعبة الشامية للكعبة، وهو يريد الكعبة اليمانية، و(له) يعني لأجله لا ينكر في العربية. وهو بضم الخاء المعجمة واللام، وعند ابن إسحاق بفتحهما في قول ابن هشام، وهو صنم سيعبد في آخر الزمان; ثبت في الحديث: "لا تقوم الساعة حتى تصطفق أليات نساء دوس وخثعم حول ذي الخلصة".




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية