الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4449 ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام-.

                                                حديث منقطع قد فسر حكم النهبة المنهي عنها والنهبة المباحة وإنما أردنا بذكره ها هنا تفسيره لمعنى هذا المتصل.

                                                حدثنا عبد العزيز بن معاوية العنابي، قال: ثنا عون بن عمارة، قال: ثنا لمازة بن المغيرة ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: "شهد رسول الله -عليه السلام- إملاك شاب من الأنصار، فلما زوجوه قال: على الألفة والطير الميمون والسعة في الرزق، بارك الله لكم، دففوا على رأس صاحبكم، فلم يلبث أن جاءت الجواري معهن الأطباق عليها اللوز والسكر، فأمسك القوم أيديهم، فقال رسول الله -عليه السلام-: ألا تنتهبون، فقالوا: يا رسول الله إنك كنت نهيت عن النهبة! قال: تلك نهبة العساكر، فأما العرسات فلا. قال: فرأيت رسول الله -عليه السلام- يجاذبهم ويجاذبونه".

                                                التالي السابق


                                                ش: حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- هذا يفسر حكم النهبة الحرام والنهبة المباحة، ويبين الفرق بينهما، وهو الفيصل بين الأحاديث المذكورة في هذا الباب، فهذا وإن كان منقطعا ولكنه يصلح للتفسير لما ذكرنا؛ فلذلك اعتذر الطحاوي بقوله: "وإنما أردنا بذكره ... " إلى آخره.

                                                وأما انقطاعه فلأنه [من] رواية خالد بن معدان ، عن معاذ ، وخالد هذا من

                                                [ ص: 490 ] تابعي أهل الشام الثقات، ولم يسمع من معاذ وعون بن عثمان منكر الحديث، قاله أبو زرعة، وقال أبو داود: ضعيف، روى له ابن ماجه .

                                                ولمازة بن المغيرة مجهول، قاله البيهقي، وقال أبو حاتم: لا أعرفه.

                                                وثور بن زيد قد مر ذكره الآن.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": أنا إسماعيل بن إبراهيم بن عروة البندار ببغداد، أنا أبو سهل القطان، نا صالح بن محمد الرازي، حدثني عصمة بن سليمان، ثنا لمازة بن المغيرة ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد ، عن معاذ قال: "شهد النبي -عليه السلام- إملاك رجل فقال: على الألفة والطير الميمون والسعة في الرزق، بارك الله لكم، دففوا على رأسه، فجيء بالدف وجيء بأطباق عليها فاكهة وسكر، فقال النبي -عليه السلام-: انتهبوا، فقالوا: يا رسول الله، أو لم تنهنا عن النهبة؟! قال: إنما نهيتكم عن نهبة العساكر، أما العرسات فلا".

                                                وقال البيهقي: في إسناده مجاهيل وانقطاع.

                                                وقال الذهبي في "مختصر السنن": صالح ثقة، وعصمة قال أبو حاتم: ما كان به بأس. فالآفة من لمازة ولا أعرفه بحال.

                                                وقال البيهقي: ويروى نحوه بإسناد مجهول، عن عروة ، عن عائشة، عن معاذ -رضي الله عنهما-.

                                                قوله: "إملاك شاب". بكسر الهمزة، أي تزويجه وعقد نكاحه، قال ابن الأثير: الملاك والإملاك: التزويج وعقد النكاح. قال الجوهري: لا يقال ملاك.

                                                قوله: "على الألفة". أي ليكن زواجك على الألفة.

                                                "والطير الميمون" أي الحظ المبارك.

                                                قوله: "دففوا" من دففت أي ضربت بالدف.

                                                [ ص: 491 ] قوله: "نهبة العساكر" أراد بها نهبة الغنائم التي تنتهبها العسكر.

                                                قوله: "فأما العرسات". بضم العين والراء، جمع عرس وهو طعام الوليمة، قال الجوهري: العرس طعام الوليمة يذكر ويؤنث، والجمع: الأعراس والعرسات، وقد أعرس فلان إذا اتخذ عرسا.

                                                ويستفاد منه فوائد:

                                                استحباب الحضور لإملاك شخص ونكاحه.

                                                واستحباب الدعاء للزوجين بقوله: على الألفة والطير الميمون والسعة في الرزق، بارك الله لكم.

                                                واستحباب ضرب الدف في العرس.

                                                واستحباب النثار فيه.


                                                وجواز أخذ النثار المباح، وجواز التجاذب عليه.

                                                وحرمة النهبة في الغنائم. والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية