الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
159 [ ص: 77 ] بسم الله الرحمن الرحيم

الأصل

[ 380 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن ابن أبي [لبيد] قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة، فبينا هو على المنبر إذ قال: يا كثير بن الصلت اذهب إلى عائشة فسلها عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد العصر، قال أبو سلمة: فذهبت معه إلى عائشة وبعث ابن عباس عبد الله بن الحارث بن نوفل معنا، فأتى عائشة فسألها عن ذلك فقالت له: اذهب فسل أم سلمة، فذهبت معه إلى أم سلمة فسألها، فقالت أم سلمة: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما [قالت أم سلمة: فقلت: يا رسول الله لقد صليت صلاة لم أكن أراك تصليها] ؟

قال: "إني كنت أصلي ركعتين بعد الظهر، وإنه قدم علي وفد بني تميم أو صدقة فشغلوني عنهما فهما هاتان الركعتان . .


التالي السابق


الشرح

كثير بن الصلت: حجازي كندي، ذكر أنه كان يسمى بقليل فسماه عمر -رضي الله عنه- كثيرا، وأنه أدرك عثمان بن عفان -رضي الله عنه- .

وعبد الله: هو ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب [ ص: 78 ] بن هاشم بن عبد مناف، أبو محمد الهاشمي تحول إلى البصرة وكان واليا بها.

سمع: أبي بن كعب، وحكيم بن حزام، والعباس بن عبد المطلب، وابن عباس، وميمونة.

روى عنه: عبد الملك بن عمير، وأبو الخليل. مات سنة أربع وثمانين .

والحديث صحيح، وقد رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مختصرا، وكريب عن أم سلمة ومن روايته أخرجه البخاري عن يحيى بن سليمان، ومسلم عن حرملة، بروايتهما جميعا عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن كريب مولى ابن عباس، عن أم سلمة.

وفي الحديث أن النوافل تقضى، وأنه لا بأس بالقضاء في وقت الكراهية، وأن الأشغال الحادثة قد تمهد العذر في تأخير الرواتب عن وقتها، وأن صلاة الوقت لا تؤخر لتقدم قضاء الراتبة، ثم عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثبتها، ويروى أنها قالت: ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين عندي بعد العصر قط .

ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن [ ص: 79 ] قل ، وعن عائشة أنها إذا عملت العمل لزمته .

وإنما أورد الشافعي الحديث ها هنا مستشهدا به على أن الشيء قد يقضى على سبيل الاستحباب كما أنه قضى الركعتين مع أنهما غير واجبتين في الأصل وقضاؤهما غير واجب، كذلك يجوز أن يكون قوله في "صم يوما مكانه" وقوله: "صوما يوما مكانه" على سبيل الاستحباب.




الخدمات العلمية