الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3022 - وعن أبي هريرة ، أن أعرابيا أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكرة فعوضه منها ست بكرات فتسخط ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن فلانا أهدى إلي ناقة فعوضته منها ست بكرات فظل ساخطا ، لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي " . رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


3022 - ( عن أبي هريرة أن أعرابيا ) أي : بدويا ( أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكرة ) : البكر بفتح موحدة فسكون كاف فتي من الإبل بمنزلة غلام من الناس والأنثى بكرة كذا في النهاية ( فعوضه منها ست بكرات ) : بفتحتين ( فتسخط ) أي : أظهر الأعرابي السخط والغضب واستقل إعطاءه لأن طمعه في الجزاء كان أكثر لما سمع من جوده وفيض وجوده - صلى الله عليه وسلم - ( فبلغ ذلك ) أي : سخطه ( النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 2011 ] فحمد الله ) أي : بالشكر الجزيل ( وأثنى عليه ) أي : بالثناء الجميل ( ثم قال : إن فلانا ) : كناية عن اسمه ولعل التصريح به للاحتراز عن قبول هديته ( أهدى إلي ناقة فعوضته منها ست بكرات فظل ) أي : أصبح أو صار ( ساخطا ، لقد هممت ) : جواب قسم مقدر أي : والله لقد قصدت ( أن لا أقبل هدية ) أي : من أحد ( إلا من قرشي ) : نسبة إلى قريش بحذف الزوائد ( أو أنصاري ) أي : منسوب إلى قوم مسمى بالأنصار والأظهر أن المراد به واحد منهم ( أو ثقفي ) : بفتح المثلثة والقاف نسبة إلى ثقيف قبيلة مشهورة ( أو دوسي ) : بفتح الدال المهملة وسكون الواو نسبة إلى دوس بطن من الأزد أي : إلا من قوم في طبائعهم الكرم قال التوربشتي - رحمه الله - : " كره قبول الهدية ممن كان الباعث له عليها طلب الاستكثار ، وإنما خص المذكورين فيه بهذه الفضيلة لما عرف فيهم من سخاوة النفس وعلو الهمة وقطع النظر عن الأعواض . قال الطيبي : " اعلم أن هذه الخصلة من رذائل الأخلاق وأخسها ولذلك عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقبائل وحسن أخلاقها إن قبيلة هذا الأعرابي على خلافها ، ونهى الله حبيبه عنها في قوله ( ولا تمنن تستكثر ) الكشاف ، أي : لا تعط طالبا للتكثير نهي عن الاستعرار وهو أن يهب شيئا وهو يطمع أن يتعوض من الموهوب له أكثر من الموهوب وهذا جائز ومنه المستعرر ثياب من وهبته وهذا النهي إما نهي تحريم أو مختص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو نهي تنزيه فله ولأمته ، في شرح السنة : " اختلفوا في الهبة المطلقة التي لا يشترط فيها الثواب فذهب قوم من الفقهاء إنها تقتضي الثواب لهذا الحديث ومنهم من جعل الناس في طيبات على ثلاث طبقات : هبة الرجل ممن هو دونه فهو إكرام وإلطاف لا يقتضي الثواب وكذلك هبة النظير من النظير ، وأما هبة الأدنى من الأعلى فتقتضي الثواب لأن المعطي يقصد به الرفد والثواب ثم قدر على العرف والعادة وقيل : قدر قيمة الموهوب وقيل : حتى يرضى الواهب ، وظاهر مذهب الشافعي أن الهبة المطلقة لا تقتضي الثواب سواء وهب لنظيره أو لمن دونه أو فوقه ، وكل من أوجب الثواب فإذا لم يثب كان للواهب الرجوع في هبته ( رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ) .




الخدمات العلمية