الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) أبان الله - جل ثناؤه - لخلقه أنه أنزل كتابه بلسان نبيه وهو لسان قومه العرب فخاطبهم بلسانهم على ما يعرفون من معاني كلامهم وكانوا يعرفون من معاني كلامهم أنهم يلفظون بالشيء عاما يريدون به العام وعاما يريدون به الخاص ثم دلهم على ما أراد من ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه وأبان لهم أن ما قبلوا عن نبيه فعنه - جل ثناؤه - قبلوا بما فرض من طاعة رسوله في غير موضع من كتابه منها { من يطع الرسول فقد أطاع الله } وقوله { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } قال وقد اختصرت من تمثيل ما يدل الكتاب على أنه نزل من الأحكام عاما أريد به العام وكتبته في كتاب غير هذا وهو الظاهر من علم القرآن وكتبت معه غيره مما أنزل عاما يراد الخاص وكتبت في هذا الكتاب مما نزل عام الظاهر ما دل الكتاب على أن الله أراد به الخاص لإبانة الحجة على من تأول ما رأيناه مخالفا فيه طريق من رضينا مذهبه من أهل العلم بالكتاب والسنة .

من ذلك قال الله - جل ثناؤه - { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } الآية ، وقال { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } فكان ظاهر مخرج هذا عاما على كل مشرك فأنزل الله { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } فدل أمر الله - جل ثناؤه - بقتال المشركين من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية على أنه إنما أراد بالآيتين اللتين أمر فيهما بقتال المشركين حيث وجدوا حتى يقيموا الصلاة وأن يقاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ، من خالف أهل الكتاب من المشركين ، وكذلك دلت سنة رسول الله على قتال أهل الأوثان حتى يسلموا ، وقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية فهذا من العام الذي دل الله على أنه إنما أراد به الخاص لا أن واحدة من الآيتين ناسخة للأخرى لأن لإعمالهما معا وجها بأن كان كل أهل الشرك صنفين صنف أهل الكتاب وصنف غير أهل الكتاب ولهذا في القرآن نظائر وفي السنن مثل هذا قال والناسخ من القرآن الأمر ينزله الله من بعد الأمر يخالفه كما حول القبلة قال { فلنولينك قبلة ترضاها } .

وقال { سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها } وأشباه له كثيرة في غير موضع قال ولا ينسخ كتاب الله إلا كتابه ; لقول الله { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } .

وقوله { وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر } فأبان أن نسخ القرآن لا يكون إلا بقرآن مثله وأبان الله - جل ثناؤه - أنه فرض على رسوله اتباع أمره ، فقال : { اتبع ما أوحي إليك من ربك } وشهد له باتباعه ، فقال - جل ثناؤه - { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله } فأعلم الله خلقه أنه يهديهم إلى صراطه قال : فتقام سنة رسول الله مع كتاب الله - جل ثناؤه - مقام البيان عن الله عدد فرضه كبيان ما أراد بما أنزل عاما العام أراد به أو الخاص وما أنزل فرضا وأدبا وإباحة وإرشادا إلا أن شيئا من سنة رسول الله يخالف كتاب الله في حال لأن الله - جل ثناؤه - قد أعلم خلقه أن رسوله يهدي إلى صراط مستقيم صراط الله ولا أن شيئا من سنن رسول الله ناسخ لكتاب الله لأنه قد أعلم خلقه أنه إنما ينسخ القرآن بقرآن مثله والسنة تبع للقرآن ، وقد اختصرت من إبانة السنة عن كتاب الله بعض ما حضرني مما يدل على مثل معناه إن شاء الله قال الله - جل ثناؤه - { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } فدل رسول الله [ ص: 596 ] على عدد الصلاة ومواقيتها والعمل بها وفيها ودل على أنها على العامة والأحرار والمماليك من الرجال والنساء إلا يقصر فأبان منها المعاني التي وصفت وأنها مرفوعة عن الحيض ، وقال الله - جل ثناؤه - { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم } الآية .

وكان ظاهر مخرج الآية على أن كل قائم إلى الصلاة الوضوء فدل رسول الله على أن فرض الوضوء على القائمين إلى الصلاة في حال دون حال لأنه صلى صلاتين وصلوات بوضوء واحدة ، وقد قام إلى كل واحد منهن وذهب أهل العلم بالقرآن إلى أنها على القائمين من النوم ، ودل رسول الله على أشياء توجب الوضوء على من قام إلى الصلاة وذكر الله غسل القدمين فمسح رسول الله على الخفين فدل على أن الغسل على القدمين على بعض المتوضئين دون بعض ، وقال الله - جل ثناؤه - لنبيه { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } وقال { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } فكان ظاهر مخرج الآية بالزكاة عاما يراد به الخاص بدلالة سنة رسول الله على أن من أموالهم ما ليس فيه زكاة وأن منها مما فيه الزكاة ما لا يجب فيه الزكاة حتى يبلغ وزنا أو كيلا أو عددا فإذا بلغه كانت فيه الزكاة ثم دل على أن من الزكاة شيئا يؤخذ بعدد وشيئا يؤخذ بكيل وشيئا يؤخذ بوزن وأن منها ما زكاته خمس ، وعشر وربع عشر وشيء بعدد ، وقال الله { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } الآية فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مواقيت الحج وما يدخل به فيه وما يخرج به منه وما يعمل فيه بين الدخول والخروج .

وقال الله - جل ثناؤه - { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ، وقال { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وكان مخرج هذا عاما فدل رسول الله على أن الله - جل ثناؤه - أراد بهذا بعض السارقين يقول { تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا } ورجم الحرين الزانيين الثيبين ولم يجلدهما فدلت السنة على أن القطع على بعض السراق دون بعض والجلد على بعض الزناة دون بعض فقد يكون سارقا من غير حرز فلا يقطع وسارقا لا تبلغ سرقته ربع دينار فلا يقطع ويكون زانيا ثيبا فلا يجلد مائة فوجب على كل عالم أن لا يشك أن سنة رسول الله إذا قامت هذا المقام مع كتاب الله في أن الله أحكم فرضه بكتابه وبين كيف ما فرض على لسان نبيه وأبان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما أراد به العام والخاص كانت كذلك سنته في كل موضع لا تختلف وأن قول من قال : تعرض السنة على القرآن فإن وافقت ظاهره وإلا استعملنا ظاهر القرآن وتركنا الحديث جهل لما وصفت فأبان الله لنا أن سنن رسوله فرض علينا بأن ننتهي إليها لا أن لنا معها من الأمر شيئا إلا التسليم لها واتباعها ولا أنها تعرض على قياس ولا على شيء غيرها وأن كل ما سواها من قول الآدميين تبع لها قال فذكرت ما قلت من هذا العدد من أهل العلم بالقرآن والسنن والآثار واختلاف الناس والقياس والمعقول فكلهم قال مذهبنا ومذهب جميع من رضينا ممن لقينا وحكى لنا عنه من أهل العلم ، فقلت لألحن من خبرت منهم عندي بحجة وأكثرهم علما فيما علمت : أرأيت إذا زعمنا نحن وأنت أن الحق عندنا في أمر فهل يجوز خلافه ؟

قال : لا ، قلت : وحجتنا حجتك على من رد الأحاديث واستعمل ظاهر القرآن فقطع السارق في كل شيء لأن اسم السرقة يلزمه وأبطل الرجم ; لأن الله يقول { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وعلى من استعمل بعض الحديث مع هؤلاء وقال : لا يمسح على الخفين ; لأن الله قصد القدمين بغسل أو مسح وعلى آخرين من أهل الفقه أحلوا كل ذي روح لم ينزل تحريمه في القرآن ; لقول الله { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير } .

وقالوا قال بما عقلنا من أصحاب رسول الله من هو أعلم به من أبي ثعلبة فحرمنا كل ذي ناب من السباع بخبر من ثقة عن أبي ثعلبة عن النبي قال : نعم هذه حجتنا ، وكفى بها حجة ولا حجة في أحد مع رسول الله ولا في أحد رد حديث رسول الله بلا حديث مثله عن رسول الله ، وقد يخفى على العالم برسول الله الشيء من سنته يعلمه من ليس مثله في العلم وهؤلاء وإن أخذوا ببعض الحديث فقد سلكوا في ترك تحريم كل ذي ناب من السباع وترك المسح على [ ص: 597 ] الخفين طريق من رد الحديث كله لأنهم إذا استعملوا بعض الحديث وتركوا بعضه لا مخالف له عن النبي فقد عطلوا من الحديث ما استعملوا مثله وقلت ولا حجة لهم بتوهين الحديث إذا ذهبوا إلى أنه يخالف ظاهر القرآن وعمومه إذا احتمل القرآن أن يكون خاصا وقولهم لمن قال بالحديث في المسح وتحريم كل ذي ناب من السباع وغيره إذا كان القرآن محتملا لأن يكون عاما يراد به الخاص خالفت القرآن ظلما ، قال : نعم قلت ولا تقبل حجتهم بأن أنكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه المسح على الخفين وابن عباس وعائشة وأبو هريرة وهم أعلم بالحديث ، وألزم للنبي صلى الله عليه وسلم وأقرب منه وأحفظ عنه وأن بعضهم ذهب إلى أن المسح منسوخ بالقرآن وأنه إنما كان قبل نزول سورة المائدة ، وإن لم يزل في الناس إلى اليوم من يقول بقولهم قال لا أقبل من هذا شيئا وليس في أحد رد خبرا عن رسول الله بلا خبر عنه حجة قلت له وإنما كانت الحجة في الرد لو أوردوا أن رسول الله مسح ثم قال بعد مسحه لا تمسحوا قال : نعم .

قلت : ولا يقبل أن يقال لهم إذا قال قائلهم : لم يمسح النبي بعد المائدة فإنما قاله بعلم أن المسح منسوخ قال ولا قلت وكذلك لا يجوز أن يقبل قول من قال إن النبي لم يمسح بعد المائدة إذا لم يرو ذلك عن النبي قلت له : ويجوز أن ينسخ القرآن السنة إلا أحدث رسول الله سنة تنسخها ، قال أما هذا فأحب أن تبينه لي قلت : أرأيت لو جاز أن يكون رسول الله سن فتلزمنا سنته ثم نسخ الله سنته بالقرآن ولا يحدث النبي مع القرآن سنة تدل على أن سنته الأولى منسوخة ألا يجوز أن يقال إنما حرم رسول الله ما حرم من البيوع قبل نزول قول الله : { وأحل الله البيع وحرم الربا } ، وقوله { إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } أو ما جاز أن يقال إنما حرم رسول الله أن تنكح المرأة على عمتها وخالتها قبل نزول قول الله : { حرمت عليكم أمهاتكم } الآية وقوله : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } فلا بأس بكل بيع عن تراض والجمع بين العمة والخالة ، وإنما حرم كل ذي ناب من السباع قبل نزول : { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه } الآية فلا بأس بأكل كل ذي روح ما خلا الآدميين ثم جاز هذا في المسح على الخفين ، وجاز أن تؤخذ الصدقة فيما دون خمسة أوسق ; لقول الله : { خذ من أموالهم صدقة } وهذا دون خمسة أوسق من أموالهم وذكرت له في هذا شيئا أكثر من هذا ، فقال ما يجوز أن ينسخ السنة القرآن إلا ومع القرآن سنة تبين أن الأولى منسوخة وإلا دخل هذا كله وكان فيه تعطيل الأحاديث قلت وكذلك لا يجوز أن يقبل قول من قال إن النبي لم يمسح على الخفين بعد المائدة إذا لم يرو ذلك خبرا عن النبي لأنه إنما قاله على علمه .

وقد يعلم غيره أنه مسح بعدها ولا يرد عليه قول غيره لم يمسح بعدها إذ لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن هذا لو جاز جاز أن يقال لا يقبل أبدا أن رسول الله قال شيئا مثل هذا إلا بأن يقال قال رسول الله ويجعل القول قول صاحبه دون قول النبي ولا نجعل في قوله حجة وإن وافق ظاهر القرآن إذا لم يعزه إلى النبي بخبر يخالفه قال : نعم قلت إن هذا لو جاز جاز أن يقال : إن النبي إنما قال { تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا } ، ورجم الثيبين ثم نزل : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ونزل { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } فنسخ رجمه بالجلد ودلالة أن لا يقطع إلا من سرق من حرز ما يبلغ ربع دينار قال : نعم ، وقلت له : ولا يجوز إذا ذكر الحديث عن النبي عليه السلام أبو سعيد أو ابن عمر أو رجل من أصحاب النبي فقضى رجل من أصحاب النبي المتقدمي الصحبة بخلاف ما روى أحد هؤلاء عن النبي إلا أن يؤخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم قال بخبر صادق عنه وعلمي بأن الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بخبر صادق عنه لعله من التابعين وخبر صاحب النبي أولى بأن يثبت من خبر تابعي أو أن يستويا في أن يثبتا فإذا استويا علم بأن النبي [ ص: 598 ] قال أو أن رجلا من أصحابه قال ولا يسع مسلما أن يشك في أن الفرض اتباع قول النبي وطرح كل ما خالفه كما صنع الناس بقول عمر في تفضيل بعض الأصابع على بعض وكما صنع عمر بقول نفسه إذ كان لا يورث المرأة من دية زوجها شيئا حتى وجد ووجدوا خلافه عن النبي قال : نعم هذا هكذا ولا يسع مسلما أن يشك في هذا قلت .

ولا يقال لا يعزب عن عمر العلم يعلمه من ليست له صحبة ولا عن الأكثر من أصحاب النبي قال : لا لأنا قد وجدناه عزب ، قلت له : أعطيت عندنا بجملة هذا القول النصفة ولزمتك الحجة مع جماعة أهل العلم ومنفردا بما علمت من هذا وعلمت بموضع الحجة وأن كثيرا قد غلط من هذا الوجه بالجهالة بكثير مما يلزمه من العلم فيه قال : أجل قلت : فقد وجدت لك أقاويل توافق هذا فحمدتها ، وأقاويل تخالف هذا فلا يجوز أن أحمدك على خلاف ما حمدتك عليه ولا يجوز لك إلا أن تنتقل عما أقمت عليه من خلاف ما زعمت الحق فيه قال ذلك الواجب علي فهل تعلم شيئا أقمت عليه من خلاف هذا ؟ قلت : نعم حديثا لرسول الله تركته بأضعف من حجة من احتججت له في رد المسح على الخفين وغيره ، قال : فاذكر من ذلك شيئا ، قلت له : قلنا إن { رسول الله قضى باليمين مع الشاهد } فرددتها وما رأيتك جمعت حجتك على شيء كجمعها على من قال بها وسلكت سبيل من رد خبر المنفرد عن رسول الله بتأول القرآن ونسبت من قال بها إلى خلاف القرآن وليس فيها من خلاف القرآن شيء ولا في شيء يثبت عن النبي وإنما ثبت الشهادة على غيرك بالخطأ فيما وصفت من رد المسح ، وكل ذي ناب من السباع بمثل ما رددت به اليمين مع الشاهد بل حجتك فيها أضعف فقال بعض من حضره : قد علمنا أن لا حجة له فيما احتج به من القرآن ، ورد اليمين مع الشاهد إلا أن لا يكون له حجة على من ترك المسح على الخفين وأحل أكل كل ذي ناب من السباع وقطع كل من لزمه اسم سرقة ، وعطل الرجم إن كان من حدث بها ممن يثبت أهل الحديث حديثه أو حديث مثله بصحة إسناده واتصاله بها .

وقال هو وهم ولكنها رويت فيما علمنا من حديث منقطع ونحن لا نثبته فقلت : له فقد كانت لك كفاية تصدق بها وتنصف وتكون لك الحجة في ردها لو قلت : إنها رويت من حديث منقطع ; لأنا وإياك وأهل الحديث لا نثبت حديثا منقطعا بنفسه بحال فكيف خبرت بأنها خلاف القرآن فزعمت أنك تردها إن حكم بها حاكم وأنت لا ترد حكم حاكم برأيه وإن رأيته أنت جورا قال فدع هذا فقلت : نعم بعد علم بأنك أغفلت أو عمدت أنك تشنع على غيرك بما تعلم أن ليست لك عليه فيه حجة وهذا طريق غفلة أو ظلم ، قال : فهل تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل فإنما عرفنا فيها حديثا منقطعا ، وحديثا يروى عن سهيل بن أبي صالح متصلا فينكره سهيل ويرويه رجل ليس بالحافظ فيحتمل له مثل هذا قلت ما أخذنا باليمين مع الشاهد من واحد من هذين لكن عندنا فيها حديث متصل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فاذكره قلت : أخبرنا عبد الله بن الحارث عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أن { النبي قضى باليمين مع الشاهد } .

وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان عن معاذ بن عبد الرحمن عن ابن عباس عن النبي مثله ، قال : ما سمعته قبل ذكرك الآن قلت أنثبت نحن وأنت مثله ؟ قال : نعم ، قلت : فلزمك أن ترجع إليه ، قال فأردها من وجه آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { البينة على من ادعى واليمين على المدعى عليه } وقد كتبت هذا في الأحاديث الجمل والمفسرة وكلمته فيه بما علم من حضر بأنه لم يحتج فيه بشيء وقد وصفت في كتابي هذا المواضع التي غلط فيها بعض من عجل بالكلام في العلم قبل خبرته وأسأل الله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية