الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3153 حدثنا أبو كريب وموسى بن حزام قالا حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن ميسرة الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث السادس قوله : ( موسى بن حزام ) بكسر المهملة بعدها زاي خفيفة ، وهو ترمذي نزل بلخ ، وثقه النسائي وغيره ، وكان زاهدا عالما بالسنة ، وما له في البخاري ، إلا هذا الموضع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن ميسرة ) هو ابن عمارة الأشجعي الكوفي ، وما له في البخاري سوى هذا الحديث ، وقد ذكره في النكاح من وجه آخر . وله حديث آخر في تفسير آل عمران .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( استوصوا ) قيل معناه تواصوا بهن ، والباء للتعدية والاستفعال بمعنى الإفعال كالاستجابة بمعنى الإجابة ، وقال الطيبي : السين للطلب وهو للمبالغة أي اطلبوا الوصية من أنفسكم في حقهن ، أو اطلبوا الوصية من غيركم بهن كمن يعود مريضا فيستحب له أن يحثه على الوصية والوصية بالنساء آكد لضعفهن واحتياجهن إلى من يقوم بأمرهن ، وقيل معناه اقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها وارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن . قلت : وهذا أوجه الأوجه في نظري ، وليس مخالفا لما قال الطيبي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( خلقت من ضلع ) بكسر المعجمة وفتح اللام ويجوز تسكينها ، قيل فيه إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر وقيل من ضلعه القصير ، أخرجه ابن إسحاق وزاد اليسرى من قبل أن يدخل الجنة وجعل مكانه لحم ومعنى خلقت أي أخرجت كما تخرج النخلة من النواة ، قال القرطبي : يحتمل أن يكون معناه أن المرأة خلقت من مبلغ ضلع فهي كالضلع ، زاد في رواية الأعرج عن أبي هريرة عند مسلم لن تستقيم لك على طريقة

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 425 ] قوله : ( وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ) قيل فيه إشارة إلى أن أعوج ما في المرأة لسانها ، وفي استعمال أعوج استعمال لأفعل في العيوب وهو شاذ ، وفائدة هذه المقدمة أن المرأة خلقت من ضلع أعوج فلا ينكر اعوجاجها ، أو الإشارة إلى أنها لا تقبل التقويم كما أن الضلع لا يقبله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فإن ذهبت تقيمه كسرته ) قيل هو ضرب مثل للطلاق أي إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها ، ويؤيده قوله في رواية الأعرج عن أبي هريرة عند مسلم وإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها ويستفاد من حديث الباب أن الضلع مذكر خلافا لمن جزم بأنه مؤنث واحتج برواية مسلم ولا حجة فيه لأن التأنيث في روايته للمرأة ، وقيل إن الضلع يذكر ويؤنث وعلى هذا فاللفظان صحيحان .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية