الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4492 4493 4494 4495 4496 4497 4498 ص: وكان مما احتج به الذين جعلوا الأقراء الأطهار أيضا: ما حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، -رضي الله عنها-: "أنها نقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، -رضي الله عنهم- حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة، قال ابن شهاب: : فذكرت ذلك لعمرة، ، فقالت: صدق عروة، ، قد جادلها في ذلك أناس، وقالوا: إن الله يقول: ثلاثة قروء فقالت عائشة: : صدقتم، أتدرون ما الأقراء؟ ؟ إنما الأقراء الأطهار".

                                                حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه، قال: قال ابن شهاب: : سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: "ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا- يريد الذي قالت عائشة -رضي الله عنها-".

                                                [ ص: 75 ] حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه قال: "إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئ منها، ولا ترثه ولا يرثها".

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا الحجاج ، عن إبراهيم الأزرق، قال: ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن سليمان بن يسار ، عن زيد بن ثابت ، -رضي الله عنه- قال: "إذا طعنت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها".

                                                حدثنا يونس ، قال: ثنا سفيان ... ، فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا يونس ، قال: ثنا ابن وهب ، قال: ثنا ابن أبي ذئب ، عن ابن شهاب ، قال: "قضى زيد بن ثابت ، -رضي الله عنه- ... فذكر مثله.

                                                قال ابن شهاب: : وأخبرني بذلك عروة ، عن عائشة -رضي الله عنها-.

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا وهب ، قال: ثنا شعبة ، عن عبد ربه بن سعيد ، عن نافع " ، أن معاوية كتب إلى زيد بن ثابت يسأله، فكتب: إنها إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد بانت منه، قال نافع: : وكان ابن عمر يقوله". . قالوا: فهذه أقاويل أصحاب رسول الله -عليه السلام- تدل على ما ذكرنا.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي وكان من الذي احتج به القوم الذين جعلوا الأقراء الأطهار: ما روي عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم قالوا: الأقراء الأطهار. وأخرج في ذلك عن عائشة وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم-:

                                                أما عن عائشة فأخرجه بإسناد صحيح. ورجاله كلهم رجال الصحيح.

                                                وأخرجه مالك في "موطئه" والبيهقي في "سننه" من حديث مالك.

                                                قوله: "نقلت حفصة" أي نقلت عائشة حفصة بنت أخيها عبد الرحمن؛ وإنما، نقلتها لأنها لما دخلت في الدم من الحيضة الثالثة انقضت عدتها بالأطهار حتى إن [ ص: 76 ] المطلقة الرجعية إذا دخلت في الحيضة الثالثة بانت على قول هؤلاء، وبهذا أخذ الزهري، وهو قول مالك والشافعي كما ذكرناه، وفي بعض النسخ: "أنها انتقلت حفصة".

                                                قوله: "حدثنا يونس" إلى قوله: " سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن ... " إلى آخره.

                                                أخرجه مالك في "موطئه" .

                                                وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي المدني، أحد الفقهاء السبعة، والأصح أن اسمه كنيته، روى له الجماعة.

                                                قوله: "إلا وهو يقول هذا" أي إلا وهو يقول: إن الأقراء الأطهار، كما قالت عائشة.

                                                وأما عن ابن عمر فأخرجه أيضا بإسناد صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح.

                                                وأخرجه مالك في "موطئه" والبيهقي في "سننه" من حديث مالك.

                                                قوله: "فقد برئ منها" أراد أن الزوجية تنقطع بدخولها في الدم من الحيضة الثالثة؛ لانقضاء عدتها بالأطهار، حتى إنه إذا مات وهي في الحيضة الثالثة لا ترثه هي، أو ماتت هي وهي فيها لا يرثها هو؛ لارتفاع الزوجية بانقضاء العدة.

                                                وأما عن زيد بن ثابت فأخرجه من أربع طرق صحاح:

                                                الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن الحجاج بن إبراهيم الأزرق، عن سفيان الثوري ، عن محمد بن مسلم الزهري ... إلى آخره.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ... إلى آخره نحوه.

                                                [ ص: 77 ] الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة عن الزهري ... إلى آخره.

                                                وأخرجه عبد الرزاق : عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، عن زيد بن ثابت قال: "إذا دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وجلت للأزواج".

                                                وأخرجه البيهقي عن قيس بن سعد ، عن بكير بن عبد الله ، عن سليمان بن يسار، عن زيد بن ثابت قال: "إذا رأت المطلقة قطرة من الدم في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها".

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : عن وكيع ، عن سفيان ، عن أبي الزناد ، عن سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت قال: "إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد بانت منه".

                                                الثالث: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب المدني ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ... إلى آخره.

                                                الرابع: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير بن حازم ، عن شعبة، عن عبد ربه بن سعيد ، عن نافع مولى ابن عمر ... إلى آخره.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : نا سفيان ، عن الزهري ، عن سليمان بن يسار "أن معاوية سأل زيد بن ثابت فقال: إذا طعنت في الحيضة الثالثة؛ فقد برئت منه".

                                                [ ص: 78 ] وأخرجه البيهقي بأتم منه من حديث مالك عن نافع، وزيد بن أسلم عن سليمان بن يسار: "أن الأحوص هلك بالشام حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة، وكان قد طلقها، فكتب معاوية إلى زيد بن ثابت يسأله، فكتب إليه زيد: إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها، ولا ترثه ولا يرثها".

                                                قوله: "قالوا: فهذه أقاويل أصحاب رسول الله -عليه السلام-" أي قال الذين جعلوا الأقراء أطهارا: هذه أقاويل الصحابة، تدل على ما ذكرناه من أن الأقراء هي الأطهار لا الحيض.




                                                الخدمات العلمية