الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            وفي " كشف الأسرار " : علم اليقين هو المستفاد من الأخبار ، وعين اليقين مستفاد من المشاهدة ، وحق اليقين يكون بالمعاينة والمباشرة ، قال تعالى في حق الكفار : ( ثم لترونها عين اليقين ) ولما دخلوها وباشروا عذابها قال تعالى : ( فنزل من حميم وتصلية جحيم إن هذا لهو حق اليقين ) وقال سيدي محمد السعودي من أصحاب سيدي يوسف العجمي : علم اليقين معرفة الله بك ; إذ أنت عين الدليل عليه ، وهو إثبات ذات غير مكيفة ولا معلومة الماهية محكوما لها بالألوهية سلطانا ، وحجة لا ريب فيه ، عين اليقين مشاهدة هذه الذات بعينها لا بعينك ، أي بعين الذات فناء كليا لا يعقل معها نسبة الألوهية إثباتا أو نفيا ، بل مشاهدة تفني الأحكام والرسوم وتمحق الآثار - حق اليقين نسبة الألوهية إلى هذه الذات بعد المشاهدة لا قبلها ، وهو الفرق بين العلم والحق ليس إلا ، وهنا سكت المحققون- وبعد هذه حقيقة حق اليقين ، وهو ظهور الانفعالات عن العبد مع غيبته عنها فيه غيبا كليا وفناء محققا ، وهذه غاية المراتب ، فالثلاثة كتابية ; علم ، وعين ، وحق . والرابعة سنية ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن لكل حق حقيقة ، فما حقيقة إيمانك ؟ " فهذه الحقيقة بها يختبر العبد المتحقق نفسه في دعواه في معرفة حقيقة حق اليقين فتأمله .

            وأما السؤال الثالث والثلاثون : فقد وردت أحاديث تقتضي استحباب الجهر بالذكر ، وأحاديث تقتضي استحباب الإسرار به ، والجمع بينهما أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص . قال سيدي يوسف العجمي رضي الله عنه : قد اعترض بعض الفضلاء على [ ص: 376 ] الجهر بالذكر مستدلا بقوله تعالى : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ) الآية ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " خير الذكر ما خفي " . والجواب أن الله تعالى خاطب عامة عباده بمثل قوله : ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) وخاطب الخاص بمثل قوله : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) وخاطب سيد أهل الحضرة محمدا صلى الله عليه وسلم بعد أن عرفه بربه ونفسه وأراه كيف مد الظل بمثل قوله : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ) وقوله : ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ) فمن لا يعرف ربه ولا نفسه ولا أراه كيف مد الظل فكيف يذكر ربه في نفسه ؟ أو كيف يرى مد الظل ؟ بل هم المخاطبون بمثل قوله تعالى : ( اذكروا الله ذكرا كثيرا ) وأما الذكر الخفي فهو ما خفي عن الحفظة لا ما يخفض به الصوت ، وهو أيضا خاص به صلى الله عليه وسلم وبمن له به أسوة حسنة ، وعن جابر رضي الله عنه " أن رجلا كان يرفع صوته بالذكر ، فقال رجل : لو أن هذا خفض من صوته ، فقال صلى الله عليه وسلم : دعه فإنه أواه " . وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قيل : وما رياض الجنة ؟ قال : حلق الذكر " . وروي " أنه صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه قال : ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا ، قال : آلله ما أجلسكم إلا ذلك ؟ قالوا : آلله ما أجلسنا إلا ذلك ، قال : أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ، ولكنه أتاني جبريل عليه السلام ، فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة " . وعن أبي قتادة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر : مررت بك وأنت تقرأ وأنت تخفض من صوتك ، فقال : إني أسمعت من ناجيت ، فقال : ارفع صوتك قليلا ، وقال لعمر : مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع من صوتك ، فقال : إني أوقظ الوسنان ، وأطرد الشيطان ، قال : اخفض قليلا . وروي أن الناس كانوا يذكرون الله تعالى عند غروب الشمس يرفعون أصواتهم بالذكر ، فإذا خفيت أرسل إليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ثوروا الذكر- أي ارفعوا أصواتكم . والجمع بين الآية والحديث السابقين اللذين استدل بهما وبين هذه الأحاديث والأثر-أن الذاكرين إذا كانوا مجتمعين على الذكر ، فالأولى في حقهم رفع الصوت بالذكر والقوة ، وأما إذا كان الذاكر وحده ، فإن كان من الخاص فالإخفاء في حقه أولى ، وإن كان من العام فالجهر في حقه أفضل . وقد شبه الغزالي رحمه الله ذكر شخص واحد وذكر جماعة مجتمعين بمؤذن واحد وجماعة مؤذنين ، فكما أن [ ص: 377 ] أصوات الجماعة تقطع جرم الهواء أكثر من صوت شخص واحد ، فكذا ذكر جماعة على قلب واحد أكثر تأثيرا في رفع الحجب من ذكر شخص واحد ، ومن حيث الثواب فلكل واحد ثواب ذكر نفسه وثواب سماع ذكر رفقائه ، وأما قوله : إنه أكثر تأثيرا في رفع الحجب- فلأن الله تعالى شبه القلوب بالحجارة في قوله : ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) ومعلوم أن الحجر لا ينكسر إلا بقوة ، فقوة ذكر جماعة مجتمعين على قلب واحد أشد من قوة ذكر شخص واحد ; ولهذا قال الشيخ نجم الدين البكري رحمة الله عليه : إن القوة في الذكر شرط ، واستدل بهذه الآية -انتهى .

            وأما السؤال الرابع والثلاثون : فجوابه أن إحداث الألحان في الذكر بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أبي بكر ، ولا عمر ، ولا عثمان ، ولا علي ، ولا فعلها أحد من الصحابة ، ولا التابعين ، ولا السلف الصالحين ، فإن انضم إلى ذلك تمطيط الأحرف ، والإشباع في غير موضعه ، والاختلاس في غير موضعه ، والترقيص ، والتطريب ، وتعويج الحنك والرأس- فهذا مغن لا ذاكر ، وأخشى عليه أن يجاب من قبل الله باللعنة ; فإن سر الذاكر إحضار عظمة الله وهيبته في القلب بخشوع وخضوع ، وإعراض عما سواه ، والملحن في شغل شاغل عن ذلك ، وليعرض الإنسان على نفسه أن لو وقف شخص تحت بيته ونادى : آه يا سيدي فلان ، وكرر ذلك بهذا التلحين والترقيص ، أكان يرضيه ذلك ، أو يعده قليل الأدب ؟ فالتأدب مع الله أولى وأحق .

            وأما السؤال الخامس والثلاثون : فأقول : مقتضى الأدلة تفضيل اللبن على العسل ; لأمور : منها أنه يربى به الطفل ، ولا يقوم العسل ولا غيره مقامه في ذلك ، ومنها أنه يجزئ عن الطعام والشراب وليس العسل ولا غيره بهذه المثابة . روى أبو داود ، والترمذي وحسنه ، وابن ماجه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سقاه الله لبنا فليقل : اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ، فإنه ليس شيء يجزئ من الطعام والشراب غير اللبن " . ومنها أنه لا يشرق به أحد ، وليس العسل ولا غيره كذلك ، روى ابن مردويه في تفسيره ، عن أبي لبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما شرب أحد لبنا فشرق ; إن الله يقول : ( لبنا خالصا سائغا للشاربين ) ومنها أنه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء أتي بإناء من خمر ، وإناء من لبن ، وإناء من عسل ، فاختار اللبن ، فقيل : هذه الفطرة أنت عليها وأمتك - رواه الشيخان وغيرهما ، فاختياره اللبن على العسل ظاهر في تفضيله عليه ، ومن الصريح في ذلك أيضا ما رواه ابن أبي عاصم عن [ ص: 378 ] ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أطعمه الله طعاما فليقل : اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه ، ومن سقاه الله لبنا فليقل : اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ، وإني لا أعلم شيئا يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن " . والحديث أصله في السنن الأربعة ، فقوله في الأول : وأطعمنا خيرا منه ، وفي اللبن : وزدنا منه- يعطي أنه لا شيء خير من اللبن .

            وأما السؤال السادس والثلاثون : فقد كنت سئلت عنه قديما ، وأجبت بأنه لم يرد حديث ولا أثر في التفضيل بينهما ، والتفضيل يحتاج إلى توقيف . وذكر عن حافظ العصر أبي الفضل بن حجر أنه سئل عن ذلك ، فأجاب بأن ماء زمزم أفضل مياه الدنيا ، وماء الكوثر أفضل مياه الآخرة . وهذا الجواب كما ترى ليس فيه نص على تفضيل أحدهما على الآخر . وقد يقال لمن خطر بباله تفضيل ماء زمزم أنه يشهد له أنه صلى الله عليه وسلم غسل صدره به لما شقه جبريل ، ولكن الذي يظهر تفضيل الكوثر ; لأنه عطية الله للنبي صلى الله عليه وسلم ، وزمزم عطية الله لإسماعيل ; ولأن الكوثر مصرح بذكره في القرآن في معرض الامتنان مسندا إلى نون العظمة ، ولم يقع في زمزم مثل ذلك .

            وأما السؤال السابع والثلاثون : ففي " كشف الأسرار " قال بعضهم : هما سواء لا يفضل أحدهما على الآخر . ويقال : ما دام الرجل صحيحا فالخوف أفضل ، وما دام مريضا فالرجاء أفضل ، ويقال : الخوف للعاصي أفضل ، والرجاء للمطيع أفضل ، ويقال : الخوف قبل الذنب أفضل ، والرجاء بعد الذنب أفضل ; لأربعة أشياء ; أحدها : إلى فضله والخوف من عدله ، والفضل أكرم من العدل . والثاني : الرجاء إلى الوعد ، والوعد من بحر الرحمة ، والخوف من الوعيد ، والوعيد من بحر الغضب ، ورحمته سبقت غضبه . الثالث : الرجاء بالطاعة والخوف من المعصية ، ومن الطاعة ما يعلو على المعاصي كالتوحيد . والرابع : الرجاء بالرحمة والخوف من الذنوب ، والذنوب لها نهاية ، والرحمة لا نهاية لها ، ويقال : الخوف أفضل منه ; لأنه وعد بالخوف جنتين ، ولم يعد بالرجاء إلا جنة واحدة ، وأيضا الخوف يمنع من الذنوب ، وترك الذنوب أفضل من فعل الخيرات . ويقال : من عبد الله بالخوف فهو حروري ، ومن عبد الله بالرجاء فهو مرجئ ، ومن عبد الله بالحب فهو زنديق ، ومن عبد الله بالثلاثة فهو مستقيم .

            وأما السؤال الثامن والثلاثون : ففي " كشف الأسرار " قال النيسابوري : الليل أفضل ; لوجوه ; أحدها : أن الليل راحة ، والراحة من الجنة ، والنهار تعب ، والتعب من النار ، وأيضا فالليل حظ الفراش ، والنهار حظ اللباس ; ولأن الله تعالى سمى ليلة القدر خير من ألف شهر ، وليس في الأيام مثلها . وقيل : النهار أفضل ; لأنه نور ، وأيضا لا يكون في الجنة ليل ، وأيضا النهار للمعاد والمعاش .

            [ ص: 379 ] قلت : قد وقفت على تأليف في التفضيل بين الليل والنهار لأبي الحسين بن فارس اللغوي صاحب " المجمل " ، فذكر فيه وجوها في تفضيل هذا ووجوها في تفضيل هذا ، فمما ذكره في تفضيل الليل أن الله أنزل فيه سورة مسماة " سورة الليل " ، ولم ينزل في النهار سورة تسمى سورة النهار ، وأن الله قدم ذكره على النهار في أكثر الآيات ، كقوله : ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) ( وجعلنا الليل والنهار آيتين ) ( جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ) ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا ) وأن الله خلقه قبل النهار ، وأن ليالي الشهر سابقة على أيامه ، وأن في الليل ليلة خير من ألف شهر ، وليس في الأيام مثلها ، وأن في كل ليلة ساعة إجابة ، وليس ذلك في النهار إلا في يوم الجمعة خاصة ، وأن النهار فيه أوقات تكره فيها الصلاة ، وليس في شيء من ساعات الليل وقت كراهة ، والصلاة من أشرف العبادات ، وأن فيه التهجد والاستغفار بالأسحار ، وهما أفضل من صلاة النهار واستغفاره ، وأنه أصح لتلاوة الذكر ، قال تعالى : ( إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ) وقال : ( أم من هو قانت آناء الليل ساجدا ) وأن الإسراء وقع بالليل ، قال تعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ) وقال تعالى : ( فأسر بأهلك بقطع من الليل ) وقال أهل العلم : في الليل تنقطع الأشغال ، وتجم الأذهان ، ويصح النظر ، وتؤلف الحكم ، وتدر الخواطر ، ويتسع مجال القلب ، ومؤلفو الكتاب يختارونه على النهار ; لأن القلب بالنهار طائر ، وبالليل ساكن ، وكذلك مدبرو الملك . وقديما كان يقال : الليل نهار الأريب ، وقال القائل :


            ولم أر مثل الليل جنة فاتك إذا هم أمضى غنيمة ناسك



            وعارضه صاحب النهار بأن الله قدم ذكره في قوله : ( والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها ) وبأن التقديم لا يدل على أفضليته ، فقد قدم الله الموت على الحياة ، والجن على الإنس ، والأعمى والأصم على البصير والسميع في قوله : ( خلق الموت والحياة ) ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع ) والمتأخر مما ذكر أفضل من المتقدم قطعا ، وبأن النور قبل الظلمة ، قال تعالى : ( الله نور السماوات والأرض ) وبأن الناس والشعراء ما زالوا يذمون الليل ويشكونه [ ص: 380 ] كقول امرئ القيس : وليل كموج البحر . الأبيات . وقد استعاذوا بالله من الأبهمين ، ويقال : الأعميين - السيل والليل ، وبالليل تدب الهوام ، وتثور السباع ، وتنشر اللصوص ، وتشن الغارات ، وترتكب المعاصي والفاحشات ; ولذلك قيل : الليل أخفى للويل ، وقد شبه الله تعالى به وجوه أعدائه ، فقال : ( كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما ) وكان الحسن يقول : ما خلق الله خلقا أشد سوادا من الليل ، وقال تعالى : ( ومن شر غاسق إذا وقب ) قيل : هو الليل إذا أظلم ، وتقول العرب للمكثار : حاطب ليل ; لما يخشى عليه فيه من نهش أو تنهش ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن جداد الليل وصرام الليل ، وأمر بغلق الأبواب وكف الصبيان بالليل ، وقال : " إن للشيطان انتشارا وخطفة " ، وافتخرت العرب بالأيام دون الليالي ، فقالوا : يوم ذي قار ، ويوم كذا . والأسبوع أيامه مسماة دون الليالي ، فإنما تذكر بالإضافة إلى الأيام فيقال : ليلة الأحد ، وليلة كذا ، وليس المضاف كالمضاف إليه ، والأيام النبيهة أكثر من الليالي ، كيوم الجمعة ، ويوم عرفة ، ويوم عاشوراء ، والأيام المعلومات والمعدودات ، وليس في الليالي إلا ليلة القدر وليلة نصف شعبان . وقال صلى الله عليه وسلم : " اللهم بارك لأمتي في بكورها " ، ولم يقل ذلك في شيء من الليالي .

            وأما السؤال التاسع والثلاثون : ففي " كشف الأسرار " : إنما خلق آدم من التراب دون غيره ; لأنه لم يكن قبل آدم شيء إلا التراب ، فخلقه منه ، ثم خلق حواء من آدم ; لأنه أراد أن يكونا من جنس واحد ، وخلقها من الضلع ليعلم أنهن خلقن من العوج ، فلا يطمع في تقويمهن .

            وأما السؤال الأربعون : ففي " كشف الأسرار " سؤال : لم رفع عيسى إلى السماء ؟ قيل : لأنه أراد أن يصحب الملائكة ليحصل لهم بركته كما صحبه التائبون في الدنيا ، وأيضا لما لم يكن دخوله من باب الشهرة وخروجه لم يكن من باب المنية ، بل دخل من باب القدرة وخرج من باب العزة .

            وأما السؤال الحادي والأربعون : ففي " كشف الأسرار " : إنما سمي مسيحا لأنه كان يسيح في الأرض ، ويقال : ولد ممسوحا بالدهن ، ويقال : لأنه كان يمسح الضر عن الأعمى والأبرص والأكمه ، ويقال : لأنه لم يكن لقدمه أخمص . وزاد ابن الأثير في " النهاية " ما نصه : وقيل المسيح : الصديق ، وقيل هو بالعبرانية مشيحا ، فعرب . وأما السؤال الثاني والأربعون : ففي صحيح مسلم أنه يقيم سبع سنين ، وفي مسند أبي داود الطيالسي في أثناء حديث أنه [ ص: 381 ] يقيم أربعين سنة ، وجمع بينهما بأن المراد بالأربعين مجموع لبثه في الأرض قبل الرفع وبعده ، فإنه رفع وله ثلاث وثلاثون سنة .

            وأما السؤال الثالث والأربعون : ففي " كشف الأسرار " : قيل : اثنتي عشرة سنة بعدد حروف ( اذكرني عند ربك ) روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لولا كلمة يوسف ما لبث في السجن طول ما لبث . وأقول : أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق الضحاك ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( فلبث في السجن بضع سنين ) قال : اثنتي عشرة سنة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية