الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويقبض لطفل ) وهبه وليه هبة ( أبوه فقط من نفسه ، فيقول : وهبت ولدي كذا وقبضته له ) فإن لم يقل : وقبضته له لم يكف على ظاهر رواية حرب ، لتغاير القبضين ، فلا بد من تمييز لأن اليد التي لجهة المتهب هنا هي نفس يد الواهب فلا يؤمن أن يدعيه في ثاني الحال أو يدعيه الورثة تركة فيذهب على الطفل ( ولا يحتاج ) أب وهب طفله ( إلى قبول ) للاستغناء عنه بقرائن الأحوال ( ولا يصح قبض الطفل ) أي : غير بالغ .

                                                                                                                      ( ولو ) كان غير البالغ ( مميزا ولا قبض [ ص: 302 ] مجنون لأنفسهما ولا قبولهما ) الهبة لانتفاء أهلية التصرف ( بل ) يقبل ويقبض لهما ( وليهما ) لأنه المتصرف عليهما فالأب ( الأمين ) أي : العدل ولو ظاهرا ( يقوم مقامهما ) في ذلك ( ثم ) عند عدمه ( وصي ثم حاكم أمين كذلك أو من يقيمونه مقامهم وعند عدمهم ) أي : الأولياء ( يقبض له من يليه من أم وقريب وغيرهما نصا ) قال ابن الحكم : سئل أحمد يعطي من الزكاة الصبي ؟ قال نعم يعطي أباه أو من يقوم بشأنه وروى المروزي أيضا نحوه قال الحارثي : وهو الصحيح لأنه جلب منفعة ومحل حاجة ( وتقدم آخر باب ذكر أهل الزكاة لكن يصح منهما ) أي : الصغير والمجنون ( قبض المأكول الذي يدفع مثله للصغير ) لحديث أبي هريرة { كان الناس إذا رأوا أول الثمار جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أخذه قال اللهم بارك لنا في ثمرنا ، ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان } أخرجه مسلم .

                                                                                                                      ( وإن كان الواهب لهما ) أي : للصغير والمجنون ( أحد الثلاثة غير الأب ) بأن كان الواهب الوصي أو الحاكم ( لم يتول طرفي العقد ) كالبيع ( ووكل من يقبل ) بخلاف الأب ، لأن له أن يتولى طرفي البيع ( ويقبض هو ) أي : الولي .

                                                                                                                      قال في المغني : والصحيح عندي أن الأب وغيره في هذا سواء لأنه عقد جار صدوره منه ومن وكيله فجاز له تولي طرفيه كالأب ، وفارق البيع في أنه عقد معاوضة ومرابحة فتحصل التهمة في العقد لنفسه والهبة محض مصلحة لا تهمة فيها ، فجاز له تولي طرفيها كالأب قال الحارثي : وبه أقول انتهى والسفيه فيما تقدم كالصغير .

                                                                                                                      ( وإن كان الأب غير مأمون ) ، قبل الحاكم الهبة للصغير ونحوه ( أو ) كان الأب ( مجنونا ) قبل الحاكم الهبة لولده ( أو ) كان الأب قد مات ، و ( لا وصي له قبل له الحاكم ) لأنه وليه إذن .

                                                                                                                      ( ولو اتخذ الأب دعوة ختان وحملت هدايا إلى داره فهي له ) لأنه الظاهر ( إلا أن يوجد ما يقتضي الاختصاص بالمختون فيكون له ، وهذا كثياب الصبيان ونحوها مما يختص بهم وكذا لو وجد ما يقتضي اختصاص الأم ) بشيء ( فيكون لها مثل كون المهدي من أقاربها أو معارفها ) حمل على العرف ( وخادم الفقراء الذي يطوف لهم في الأسواق ما حصل له لا يختص به ) لأنه في العرف إنما يدفع إليه للشركة فيه ، وهو إما كوكيلهم أو وكيل الدافعين فينتفي الاختصاص .

                                                                                                                      ( وما يدفع من صدقة إلى شيخ زاوية أو ) شيخ ( رباط الظاهر أنه لا يختص به ) .

                                                                                                                      لأنه في العادة لا يدفع إليه اختصاصا به ، فهو كوكيل الفقراء أو الدافعين كما تقدم ( وله التفضيل في القسم بحسب الحاجة ) لأن الصدقة يراد بها سد الخلة مع أنه لم [ ص: 303 ] يصدر إليه ما يقتضي التسوية والظاهر تفويض الأمر إليه في ذلك .

                                                                                                                      ( وإن كان الشيء يسيرا لم تجر العادة بتفريقه اختص هو به ) لأن الإعطاء صدر إليه ولا قرينة تصرف عنه ( ذكره الحارثي ) .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية