الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وللمالك ) يعني الملتزم ( أن يزيد وينقص في ) العمل وفي ( الجعل ) وأن يغير جنسه ( قبل الفراغ ) سواء ما قبل الشروع وما بعده كالثمن في زمن الخيار ( وفائدته ) إذا وقع التغيير ( بعد الشروع ) في العمل مطلقا أو قبله وعمل جاهلا بذلك ثم أتم العمل ( وجوب أجرة المثل ) لجميع عمله ومحل قولهم لو عمل بعد الفسخ لا شيء له حيث كان الفسخ بلا بدل وذلك لأن النداء الأخير فسخ للأول والفسخ من الملتزم أثناء العمل يقتضي الرجوع إلى أجرة المثل نعم بحث ابن الرفعة أنه يستحق لما عمل جاهلا قبل النداء الثاني ما يقابله من الجعل الأول ؛ لأن العقد الأول باق لم ينفسخ وفيه نظر وقول المتن فعليه أجرة المثل في الأصح يرده لما تقرر أن النداء الأخير فسخ للأول وأن الفسخ يوجب أجرة المثل فاندفع قوله أن العقد الأول باق لم ينفسخ وألحق بذلك فسخه بالتغيير قبل العمل المذكور فإن عمل في هذه عالما بذلك فله المسمى الثاني .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              ما اقتضاه المتن من أنه لو لم يعلم بالتغيير قبل الشروع فيما إذا كان العامل معينا ولم يعلن به الملتزم فيما إذا كان غير معين من أن له أجرة المثل هو ما بحثه في الوسيط واقتضاه كلام الروضة وأصلها أيضا [ ص: 378 ] وقال الماوردي والروياني يستحق الجعل الأول وأقره جمع متأخرون والذي يتجه الأول فإن قلت علم مما تقرر أنه لو علم بالثاني قبل الشروع استحقه أو في الأثناء لم يستحق من الثاني شيئا وكان القياس أنه يستحق منه قسط عمله بعده قلت يفرق بأنه قبل الشروع لم يلتزم شيئا فأدير الأمر على الثاني وبعده التزم حكم الأول فوجب له مسماه إن سلم من الفسخ وإلا فأجرة المثل ولا نظر للثاني لأنه وقع به الفسخ لا غير .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لجميع عمله ) يفيد وجوب الأجرة لجميع العمل إذا وقع التغيير بعد الشروع وعمل عالما وسيأتي في قوله فإن قلت إلخ ( قوله نعم بحث ابن الرفعة إلخ ) قد يقال ما بحثه هو قياس ما تقدم في قوله أما إذا لم يعلم العامل المعين إلخ من استحقاق المشروط بل قد يقال قياسه استحقاق الجعل الأول لما بعد النداء الثاني أيضا حيث كان الجهل شاملا بل وقياسه أيضا ما يأتي في التنبيه عن الماوردي والروياني إلا أن يفرق بين الفسخ لا إلى بدل والفسخ إلى بدل كما في هذه المذكورات هنا فإنه لو روعي الأول عند الجهل لزم إهدار فعل العامل فلم يلتفت إليه ولزم المشروط بخلاف الثاني فإنه لا يلزم من مراعاته الإهدار لالتزامه بدلا آخر فلذا روعي حتى وجبت أجرة المثل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقول المتن ) أي المتقدم وقوله يرده إلخ قد يجاب بأن كلامه قبل النداء الثاني باق بلا إشكال إلا أن قضية هذا أن يكون حالة العلم كذلك إلا أن يفرق بينهما على أنه إن أريد الجهل بالنداء الثاني فالعمل قبله لا يتصور إلا مع الجهل به إذ العلم بوجود الشيء قبل وجوده محال ( قوله فاندفع قوله أن العقد الأول باق ) مراده كما هو ظاهر باق إلى النداء الثاني ( قوله قبل العمل المذكور ) أي في قوله المار أو قبله وعمل جاهلا بذلك ثم أتم العمل ش .

                                                                                                                              ( قوله ما اقتضاه المتن ) من أين هذا الاقتضاء ( قوله هو ما بحثه في الوسيط إلخ ) وهو الراجح كما [ ص: 378 ] اقتضاه كلامهما شرح م ر ( قوله وقال الماوردي إلخ ) فعلى الأول لو عمل من سمع النداء الأول خاصة ومن سمع الثاني استحق الأول نصف أجرة المثل والثاني نصف المسمى وعلى قول الماوردي للأول نصف الجعل الأول وللثاني نصف الثاني شرح م ر ( قوله أو في الأثناء لم يستحق من الثاني شيئا ) هذا علم من قوله السابق وجوب أجرة المثل لجميع عمله بعد قوله بعد الشروع في العمل مطلقا ( قوله وكان القياس إلخ ) هذا القياس هو ما في شرح الروض فإنه لما قال الروض وإن زاد أو نقص اعتبر النداء الأخير فلو لم يسمعه أو كان بعد الشروع وجب أجرة المثل ا هـ قال في شرحه في النسخ المتأخرة وأجرة المثل فيما قاله في الأولى لجميع العمل وفي الثانية لعمله قبل النداء الثاني أما عمله بعده ففيه قسطه من مسماه ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وللمالك أن يزيد وينقص في الجعل ) فلو قال من رد عبدي فله عشرة ثم قال من رده فله خمسة أو بالعكس فالاعتبار بالأخير نهاية ومغني ( قوله وأن يغير ) إلى قوله نعم بحث في النهاية والمغني ( قوله وأن يغير جنسه ) كأن يقول من رده فله دينار ثم يقول فله درهم ا هـ مغني ( قوله إذا وقع التغيير ) أي بالزيادة أو النقص أو لجنس الجعل وكان الأولى أن يقول أي التغيير إذا وقع ( قوله مطلقا ) أي أتم العمل عالما بالتغيير أو جاهلا به ( قوله وعمل إلخ ) أي شرع في العمل وسيذكر محترزه بقوله ، فإن عمل في هذه إلخ . قول المتن ( وجوب أجرة المثل ) ويستثنى من الأولى ما لو علم المسمى الثاني فقط فله منه قسط ما عمله بعد علمه فيما يظهر ا هـ شرح منهج وسيأتي عن النهاية ما يوافقه قال الحلبي قوله فقط أي وجهل المسمى الأول وفيه أن هذا غير عامل شرعا لعدم علمه بالجعل ( قوله لجميع عمله ) يفيد وجوب الأجرة لجميع العمل إذا وقع التغيير بعد الشروع وعمل عالما وسيأتي في قوله فإن قلت إلخ ا هـ سم ( قوله ومحل قولهم إلخ ) عبارة المغني وأجرة المثل فيما ذكر لجميع العمل لا الماضي خاصة ولا ينافيه ما مر من أنه لو عمل إلخ لأن ذلك فيما إذا فسخ بلا بدل بخلاف هذا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وذلك ) أي وجوب أجرة المثل لجميع العمل فيما ذكر ( قوله وقول المتن إلخ ) أي المتقدم و ( قوله يرده ) قد يجاب بأن كلامه فيما قبل النداء الثاني والعقد قبل النداء الثاني باق بلا إشكال ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله فاندفع قوله أن العقد الأول باق ) مراده كما هو ظاهر باق إلى النداء الثاني ا هـ سم ( قوله وألحق بذلك ) أي الفسخ في أثناء العمل بالتغيير ( قوله المذكور ) بالرفع نعت " فسخه " أي المذكور بقوله المار أو قبله وعمل جاهلا إلخ ( قوله فإن عمل إلخ ) عبارة المغني فإن سمع العامل ذلك أي التغيير قبل الشروع في العمل اعتبر النداء الأخير وللعامل ما ذكر فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في هذه ) أي صورة التغيير قبل الشروع في العمل و ( قوله عالما بذلك ) أي بالتغيير ( قوله ما اقتضاه ) إلى قوله ، فإن قلت في النهاية ( قوله ما اقتضاه المتن ) من أين هذا الاقتضاء ا هـ سم عبارة النهاية ومحله أي كلام المتن فيما قبل الشروع أن يعلم العامل بالتغيير ، فإن لم يعلم به فيما إذا كان معينا ولم يعلن به الملتزم فيما إذا كان غير معين قال الغزالي في وسيطه ينقدح أن يقال يستحق أجرة المثل وهو الراجح كما اقتضاه إلخ ( قوله من أن له إلخ ) جواب لو فكان الصواب فله إلخ ( قوله هو ) أي [ ص: 378 ] ما اقتضاه المتن ( قوله وقال الماوردي إلخ ) فعلى الأول لو عمل من سمع النداء الأول خاصة ومن سمع الثاني استحق الأول نصف أجرة المثل والثاني نصف المسمى الثاني وعلى قول الماوردي للأول نصف الجعل الأول وللثاني نصف الثاني ا هـ نهاية .

                                                                                                                              ( قوله والذي يتجه الأول ) وفاقا للمغني والنهاية ( قوله بالثاني ) أي النداء الثاني و ( قوله استحقه ) أي مسمى الثاني ( قوله أو في الأثناء ) أي سواء وقع التغيير بعد الشروع أو قبله ( قوله وكان القياس إلخ ) هذا القياس هو الذي جرى عليه شرح الروض أي والنهاية ا هـ سم ( قوله منه ) أي مسمى الثاني ( قوله بعده ) أي العلم بالنداء الثاني ( قوله بأنه ) أي العامل ( لم يلتزم شيئا ) أي من أحكام النداءين .




                                                                                                                              الخدمات العلمية