الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3540 حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني أسامة بن زيد أن عمرو بن شعيب حدثه عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب يقيء فيأكل قيئه فإذا استرد الواهب فليوقف فليعرف بما استرد ثم ليدفع إليه ما وهب

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فإذا استرد الواهب ) : أي يطلب رد هبته من الموهوب له ( فليوقف ) : بصيغة الأمر المجهول من باب التفعيل ، كذا ضبط في بعض النسخ ، وضبط في نسخة بصيغة [ ص: 361 ] المعلوم ( فليعرف ) : من باب التفعيل ، وفيه كلا الوجهين ( بما استرد ) : أي فليعلم لأي سبب طلب رد الهبة ( ثم ليدفع إليه ) : أي إلى الواهب . قال في فتح الودود : أي إذا رجع في هبته فليسأل عن سببه ثم يرد عليه هبته لعله وهب ليثاب عليه فلم يثب عليه فيرجع لذلك ، فيمكن حينئذ أن يثاب حتى لا يرجع والله تعالى أعلم . وهذا الحديث ظاهر في أنه إذا رجع يرد عليه هبته كما هو مذهب أبي حنيفة رحمة الله عليه انتهى . وقال بعض الأعاظم في تعليقات السنن : قوله فليوقف هو على البناء للمفعول من الوقف كقوله تعالى وقفوهم إنهم مسئولون أو من التوقيف أو الإيقاف ، فإن ثلاثتها بمعنى . قال في القاموس وشرحه : وقف بالمكان وقفا ووقوفا فهو واقف دام قائما ، وكذا وقفت الدابة والوقوف خلاف الجلوس ، ووقفته أنا وكذا وقفتها وقفا فعلت به ما وقف يتعدى ولا يتعدى كوقفته توقيفا وأوقفته إيقافا . قال في العين : وإذا وقفت الرجل على كلمة قلت وقفته توقيفا انتهى . وهو أيضا على البناء للمفعول ، والتعريف الإعلام كما في القاموس أيضا ، والمراد به هاهنا إعلامه مسألة الهبة كيلا يبقى جاهلا . والمعنى : من وهب هبة ثم أراد أن يرتجع فليفعل به ما يقف ويقوم ثم ينبه على مسألة الهبة ليزول جهالته بأن يقال له الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها ولكنه كالكلب يعود في قيئه ، فإن شئت فارتجع وكن كالكلب يعود في قيئه ، وإن شئت فدع ذلك كيلا تتشبه بالكلب المذكور ، فإن اختار الارتجاع بعد ذلك أيضا فليدفع إليه ما وهب والله أعلم انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي وابن ماجه بنحوه .




                                                                      الخدمات العلمية