الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فائدة

قد يجيء نظم الكلام على غير صورة المقابلة في الظاهر ؛ وإذا تؤمل كان من أكمل المقابلات ؛ ولذلك أمثلة :

منها قوله تعالى : إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ( طه : 118 ، 119 ) فقابل الجوع بالعري والظمأ بالضحى ، والواقف مع الظاهر ربما يحيل أن الجوع يقابل بالظمأ ، والعري بالضحى .

والمدقق يرى هذا الكلام في أعلى مراتب الفصاحة ؛ لأن الجوع ألم الباطن ، والضحى موجب لحرارة الظاهر ، فاقتضت الآية جميع نفي الآفات ظاهرا وباطنا ، وقابل الخلو بالخلو ، والاحتراق بالاحتراق ، وهاهنا موضع الحكاية المشهورة بين المتنبي وسيف الدولة ، لما أنشده :


وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم

ومنها قوله تعالى : مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع ( هود : 24 ) [ ص: 511 ] فإنه قد يتبادر فيه سؤال ، وهو أنه لم لا قيل : " مثل الفريقين كالأعمى والبصير والأصم والسميع " لتكون المقابلة في لفظ الأعمى وضده بالبصير ، وفي لفظ الأصم وضده بالسميع ؟

والجواب أنه يقال : لما ذكر انسداد العين أتبعه بانسداد السمع ، وبضد ذلك لما ذكر انفتاح البصر أعقبه بانفتاح السمع ؛ فما تضمنته الآية الكريمة هو الأنسب في المقابلة ، والأتم في الإعجاز .

التالي السابق


الخدمات العلمية