الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يصلى بتيمم ) ، ولو من صبي وجنب تجردت جنابته عن الحادث الأصغر خلافا لمن غلطوا فيه ويشكل على الصبي تجويزهم جمع المعادة مع الأصلية بتيمم واحد إلا أن يفرق بأن صلاة الصبي صالحة للوقوع عن الفرض لو بلغ فيها ولا كذلك المعادة وإن استويا في وجوب نية الفرض فيهما كما يأتي أي صورة والقيام وغيرهما ، وإنما [ ص: 372 ] لم يصل بتيممه لفرض بلغ بعده وقبل الدخول في الفرض فرضا كما صححه في التحقيق احتياطا له ، إذ صلاته في الحقيقة نفل فلم يقع تيممه إلا للنفل ( غير فرض ) واحد عيني كما صح عن ابن عمر قال البيهقي ولم يعرف له مخالف من الصحابة بل روى الدارقطني عن ابن عباس من السنة أن لا يصلي بتيمم واحد إلا صلاة واحدة ، ثم يحدث للثانية تيمما

                                                                                                                              وقول الصحابي من السنة في حكم المرفوع ولأنه طهارة ضعيفة ولأن الوضوء كان يجب لكل فرض فنسخ يوم الخندق فبقي التيمم على الأصل من وجوب الطهر لكل فرض وخرج بيصلى تمكين الحليل مرارا بتيمم وجمعها بين ذلك وصلاة فرض بأن نوته في تيممها كما مر فإنه جائز للمشقة وعلم من كلامه في غير هذا المحل أن الطواف بمنزلة الصلاة فلا يجمع بين فرضين منه ولا بين فرضه وفرض الصلاة كالخطبة والجمعة مطلقا ؛ لأنه لما جرى قول أنها بمثابة ركعتين ألحقت بالفرض العيني ، وإنما لم يستبح الجمعة بنيتها نظرا لكونها فرض كفاية فالحاصل أن لها شبها متأصلا بالعيني روعي كما روعي كونها فرض كفاية احتياطا فيهما ويؤيده ما مر في الصبي فإنه روعي في صلاته صورة الفرض فلم يجمع بين فرضين وحقيقة النفل فلم يصل الفرض لو بلغ ، وإنما لم يجب تيمم لكل من الخطبتين ؛ لأنهما بمنزلة شيء واحد ، ولو صلى بتيمم فرضا تجب إعادته كأن ربط بخشبة ، ثم فك جاز له إعادته به وإن كان فعل الأولى فرضا ؛ لأن الثانية هي الفرض الحقيقي فجاز الجمع نظرا لهذا وصلاته الثانية بتيمم الأولى نظرا لفرضيتها أولا هذا غاية ما يوجه به كلامهم هنا ، ثم رأيت في كلام شيخنا ما يوافقه لكن قياسه هذا على ما يأتي في المنسية من خمس لا يتم ؛ لأن ما عدا الفرض ثم وسيلة له ولا كذلك هنا ؛ لأن الأولى وجبت لحرمة الوقت والثانية للخروج من عهدة الفرض فلا وسيلة أصلا ومع ذلك كله فهذا يشكل على ما مر في الصبي من رعاية الصورة والحقيقة احتياطا بل هذا أولى فتأمله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ولا كذلك المعادة ) قد يقال بل هي صالحة للوقوع عن [ ص: 372 ] الفرض أيضا وذلك فيما إذا أعاد مع جماعة ناسيا الفعل الأول ، ثم بان فساده كما سيأتي في محله فليتأمل إلا أن يجاب بأنه تبين في هذه الصورة أنها ليست معادة . ( قوله : وإنما لم يستبح الجمعة بنيتها ) اعتمد شيخنا الشهاب الرملي أنه يستبيح الجمعة بنيتها . ( قوله جاز له إعادته به إلخ ) هل قياس ذلك أن من صلى الجمعة حيث يمتنع التعدد ولزمه الظهر لشكه في تقدم جمعته وعدم التمكن من إقامة الجمعة يجوز له فعل الظهر بتيمم الجمعة أو يفرق . ( قوله بل هذا أولى فتأمله ) يمكن أن يقال الصلاتان هنا وظيفة واحدة فكفى التيمم لهما بخلاف صلوات [ ص: 373 ] الصبي فإن كلا وظيفة مستقلة في صورة الفرض .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولا يصلي بتيمم إلخ ) سواء أكان تيممه عن حدث أصغر أم أكبر وسواء كان لمرض أم لفقد ماء وسواء أكان الفرض أداء أم قضاء نهاية . ( قوله ولو من صبي ) أي لأنهم ألحقوا صلاته بالفرائض حيث لم يجوزوها من قعود ولا على الدابة في السفر لغير القبلة ويؤخذ من ذلك أن الصبي والمجنون لو فاتتهما صلوات وأرادا قضاءهما بعد الكمال عملا بالسنة فيهما وجب عليهما التيمم لكل فرض مع وقوعه نفلا لهما للعلة السابقة ع ش . ( قوله وجنب إلخ ) ( فروع )

                                                                                                                              لو تيمم عن حدث أكبر ، ثم أحدث حدثا أصغر انتقض طهره الأصغر لا الأكبر كما لو أحدث بعد غسله فيحرم عليه كل ما يحرم على المحدث ويستمر تيممه عن الحدث الأكبر حتى يجد الماء بلا مانع ولو غسل جنب كل بدنه سوى رجليه ، ثم فقد الماء وحصل له حدث أصغر وتيمم له ، ثم وجد ماء يكفي رجليه فقط تعين لهما ولا يبطل تيممه ولو تيمم أولا لتمام غسله ، ثم أحدث وتيمم له ، ثم وجده فيهما أي الحدث الأصغر والأكبر بطل تيممه ، ويجوز للرجل جماع أهله وإن علم عدم الماء وقت الصلاة فيتيمم ويصلي من غير إعادة نهاية ومغني . ( قوله خلافا لمن غلطوا ) عبارة المغني وقول الدميري ويستثنى من إطلاقه المتيمم للجنابة عند عجزه عن الماء إذا تجردت جنابته عن الحدث فإنه يصلي بتيممه فرائض ضعيف تبع فيه صاحب الحاوي الصغير ونقله عنه صاحب المصباح قال وهو غير مرضي لأن الجناية مانعة ا هـ . ( قوله تجويزهم جمع المعادة ) عبارة النهاية والمغني ولو صلى بتيمم مكتوبة منفردا أو في جماعة ، ثم أعادها في جماعة به جاز لأنه جمع بين فرض ونافلة ا هـ . ( قوله بأن صلاة الصبي ) أي الأصلية . ( قوله لو بلغ فيها ) أي فيتمها بذلك التيمم وفي فتاوى م ر ما يوافقه ع ش . ( قوله ولا كذلك المعادة ) ، وقد يفرق أيضا بأن في جمع الصبي بين صلاتين جمعا بين فرضين في الجملة أي بالنسبة إلى المكلف الملحق به الصبي احتياطا بخلاف المعادة مع الأصلية فليستا معا فرضين بالنسبة إلى أحد فتدبر بصري . ( قوله وإن استويا ) أي صلاة الصبي الأصلية ومعادته فكان الظاهر التأنيث . ( قوله وغيرهما ) أي واستقبال الكعبة ولو في السفر . ( قوله وإنما [ ص: 372 ] لم يصل )

                                                                                                                              إلى قوله وإنما لم تستبح في النهاية والمغني إلا قوله لم يعرف إلى بل روي . ( قوله لفرض ) متعلق بتيممه وقوله فرضا مفعول لم يصل ( قوله كما صح عن ابن عمر ) قال يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث نهاية ومغني . ( قوله ولم يعرف له مخالف إلخ ) أي فصار إجماعا سكوتيا . ( قوله ولأن الوضوء ) الأنسب بقوله فبقي إلخ الطهارة بصري أي كما عبر به النهاية . ( قوله كأن يجب لكل فرض ) أي لقوله تعالى { إذا قمتم إلى الصلاة } إلى قوله { فتيمموا } نهاية . ( قوله فنسخ يوم الخندق إلخ ) عبارة المغني ، ثم نسخ ذلك في الوضوء { بأنه صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد } فبقي التيمم على ما كان عليه ا هـ . ( قوله وخرج بيصلى تمكين الحليل إلخ ) لا يخفى أن في هذه الصورة ألغازا وهو أن يقال لنا تيمم لا ينتقض بخروج خارج ينقض خروجه الوضوء بصري .

                                                                                                                              ( قوله وجمعها ) عطف على تمكين إلخ والضمير للمرأة وقوله بين ذلك أي التمكين وقوله بأن نوته أي الفرض لا التمكين ونحوه . ( قوله كما مر ) أي قبيل قول المتن ومسح وجهه . ( قوله فإنه ) أي ما ذكر من التمكين مرارا والجمع بينه وصلاة فرض . ( قوله كالخطبة والجمعة ) فلا يجمع بينهما بتيمم أي ولا بين خطبتين في محلين كأن خطب في موضع ولم يصل فيه ، ثم انتقل للآخر وأراد الخطبة لأهله وفيه كلام لابن قاسم فراجعه ع ش . ( قوله مطلقا ) أي سواء تيمم للخطبة أو للجمعة فكان القصد به الإشارة لرد ما في الأسنى بصري . ( قوله وإنما لم تستبح الجمعة إلخ ) اعتمد شيخنا الشهاب الرملي أنه يستبيح الجمعة بنيتها أي الخطبة سم عبارة النهاية وعلم من ذلك أن الخطيب يحتاج إلى تيممين وأنه لو تيمم للجمعة فله أن يخطب به ولا يصلي الجمعة به وأنه لو تيمم للخطبة فلم يخطب فله أن يصلي به الجمعة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بنيتها ) أي خطبة الجمعة . ( قوله أن لها ) أي للخطبة . ( قوله روعي ) أي فلم يجز الجمع بينها وبين الجمعة وقوله كما روعي كونها فرض إلخ أي فلم تستبح بنيتها الجمعة . ( قوله فلم يجمع ) أي بتيمم . ( قوله فلم يصل ) أي بتيممه لفرض قبل البلوغ . ( قوله وإنما لم يجب ) إلى قوله وصلاة الثانية في النهاية وإلى قوله هذا غاية في المغني . ( قوله فجاز الجمع إلخ ) عبارة المغني والنهاية فإن قيل كيف جمعهما بتيمم مع أن كلا منهما فرض أجيب بأن هذا كالمنسية من خمس يجوز جمعها بتيمم وإن كانت فروضا لأن الفرض بالذات واحدة ويؤخذ من ذلك أنه لو تيمم للجمعة ولزمه إعادة الظهر كان له أن يصليه بذلك التيمم لما ذكر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لهذا ) أي لكون الفرض الحقيقي هو الثانية . ( قوله وصلاة الثانية إلخ ) عطف على قوله الجمع إلخ . ( قوله لكن قياسه هذا على إلخ ) محل تأمل إذ لم يصرح أي شيخ الإسلام بأن الجامع ما ذكر حتى يرد عليه ما أشار إليه بل مراده أن الفرض في كلتا المسألتين واحد بالذات وما عداه فوجوبه بالتبع إما لحرمة الوقت أو ليتوسل به إلى تيقن البراءة وعبارته فإن قلت فكيف جمعهما بتيمم واحد مع أن كلا منهما فرض قلت هذا كالمنسية من خمس يجوز جمعها بتيمم وإن كانت فروضا لأن الفرض بالذات واحدة انتهت بصري وتقدم عن المغني والنهاية مثل عبارة شيخ الإسلام . ( قوله فهذا ) أي جواز الجمع في صلاة نحو المربوط بخشب .

                                                                                                                              ( قوله بل هذا أولى إلخ ) يمكن أن يقال الصلاتان هنا وظيفة واحدة فكفى التيمم لهما بخلاف صلوات الصبي فإن كلا وظيفة مستقلة في صلاة الفرض سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية