الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ومن سورة القصص

                                                                                                          3188 حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن يزيد بن كيسان حدثني أبو حازم الأشجعي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة قال لولا أن تعيرني بها قريش أن ما يحمله عليه الجزع لأقررت بها عينك فأنزل الله عز وجل إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن كيسان

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          مكية إلا إن الذي فرض الآية نزلت بالجحفة وإلا الذين آتيناهم الكتاب إلى لا نبتغي الجاهلين وهي سبع أو ثمان وثمانون آية .

                                                                                                          قوله ( أخبرنا يحيى بن سعيد ) هو القطان . قوله ( لعمه ) هو أبو طالب " أشهد " بالجزم على أنه جواب قل وبالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، وفي رواية سعيد بن المسيب عن أبيه عند الشيخين فقال : ( أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله من المحاجة ) وفي رواية مجاهد عند الطبري : " أجادل عنك بها " ( أن تعيرني ) من التعيير أي ينسبوني إلى العار ( إنما يحمله عليه الجزع ) بفتح الجيم والزاي هو نقيض الصبر ، وفي رواية مسلم : يقولون : إنما حمله على ذلك الجزع . قال النووي : هكذا هو في جميع الأصول وجميع روايات المحدثين في مسلم وغيره بالجيم والزاي وكذا نقله القاضي عياض وغيره عن جميع روايات المحدثين ، وذهب جماعات من أهل اللغة إلى أنه الخرع بالخاء المعجمة والراء المفتوحتين أيضا وهو الضعف والخور وقيل هو الدهش انتهى مختصرا ( لأقررت بها عينك ) قال النووي : أحسن ما يقال فيه ما قاله أبو العباس قال : معنى أقر الله عينه أي [ ص: 35 ] بلغه الله أمنيته حتى ترضى نفسه وتقر عينه فلا تستشرف لشيء . وقال الأصمعي : معناه أبرد الله دمعته لأن دمعة الفرح باردة . وقيل معناه أراه الله ما يسره فأنزل الله إنك لا تهدي أجمع المفسرون على أنها نزلت في أبي طالب وهي عامة فإنه لا يهدي ولا يضل إلا الله تعالى من أحببت أي هدايته وقيل أحببته لقرابته .

                                                                                                          اعلم أن حديث أبي هريرة هذا يدل على أن أبا طالب مات على الكفر . وحديث سعيد بن المسيب عن أبيه عند الشيخين صريح في ذلك ففيه : فقال : أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله . فقال أبو جهل بن أبي أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيرانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله .

                                                                                                          قلت : في رواية ابن إسحاق من طريق العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس قال : فلما تقارب من أبي طالب الموت قال : نظر العباس إليه يحرك شفتيه قال : فأصغى إليه بأذنه قال : فقال : يابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم أسمع " قلت في رواية ابن إسحاق هذه مجهول وهو بعض أهل العباس بن عبد الله بن معبد فهذه الرواية لا تقاوم حديث الصحيحين ، ثم تفرد بهذه الرواية ابن إسحاق وما تفرد به لا يقاوم ما في الصحيحين أصلا . قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) أخرجه أحمد ومسلم والطبري .

                                                                                                          ( سورة العنكبوت ) مكية وهي تسع وستون آية .

                                                                                                          [ ص: 36 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية