الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهذا بخلاف ما إذا أوصى بعين من تركته وقيمته تزيد على الثلث فإنه يضرب بالثلث وإن احتمل أن يزيد المال فيخرج من الثلث ، [ ص: 442 ] لأن هناك الحق تعلق بعين التركة ، بدليل أنه لو هلك واستفاد مالا آخر تبطل الوصية ، وفي الألف المرسلة لو هلكت التركة تنفذ فيما يستفاد فلم يكن متعلقا بعين ما تعلق به حق الورثة . قال ( وإذا أوصى بنصيب ابنه فالوصية باطلة . ولو أوصى بمثل نصيب ابنه جاز ) لأن الأول وصية بمال الغير ، لأن نصيب الابن ما يصيبه بعد الموت والثاني وصية بمثل نصيب الابن ومثل الشيء غيره وإن كان يتقدر به فيجوز ، وقال زفر : يجوز في الأول أيضا فينظر إلى الحال والكل ماله فيه وجوابه ما قلنا .

التالي السابق


لما كان أقصى ما يدور عليه مسائل الوصايا عند عدم إجازة الورثة ثلث المال ذكر تلك المسائل التي تتعلق به في هذا الباب [ ص: 441 ] بعد ذكر مقدمات هذا الكتاب ، كذا في النهاية والعناية .

( قوله وهذا بخلاف ما إذا أوصى بعين تركته وقيمته تزيد على الثلث فإنه يضرب بالثلث وإن احتمل أن يزيد المال فيخرج من الثلث ) أشار بهذا الكلام إلى صورة نقض ترد على وجه الفرق لأبي حنيفة رحمه الله بين المسائل الثلاث المجمع عليها وبين الخلافية ، وهي على ما ذكر في الكافي ومعراج الدراية ما إذا أوصى بعبد بعينه لإنسان قيمته ألف وبعبد آخر بعينه لإنسان آخر قيمته ألفان ولا مال له سواهما فإن الخلاف المذكور ثابت فيه أيضا مع أنه يتصور هناك تنفيذ الوصية لكل واحد منهما في جميع ما سماه له بدون إجازة الورثة لاحتمال أن يزيد مال الميت فيخرج العبدان من الثلث ، وقال تاج الشريعة وصاحب العناية في تصوير صورة النقض هنا بأن كان عبدا أوصى به لرجل وبثلث ماله لآخر ولا [ ص: 442 ] مال سوى العبد ولم يجز الورثة فالثلث بينهما نصفان ، وإن احتمل أن يكتسب هذا العبد مالا فتصير رقبته مساوية لثلث المال أو يظهر له مال بحيث يصير العبد ثلث المال ا هـ . أقول : فيه خلل ، لأن الموصى به يصير إذ ذاك هو العبد وثلث المال ، ولا يتصور حينئذ تنفيذ الوصية لكل واحد من الموصى له في جميع ما سماه له بدون إجازة الورثة وإن زاد مال الميت جدا ، لأن العبد يكون زائدا على الثلث في تلك الصورة لا محالة ، ولا يصح تنفيذ ما زاد على الثلث بدون إجازة الورثة فتكون تلك الصورة مخالفة للمسائل الثلاث المجمع عليها حيث أمكن في هاتيك المسائل الثلاث تنفيذ الوصية في جميع ما سماه لهما في الجملة ، بخلاف تلك الصورة فلا تصلح لأن تكون صورة نقض للفرق المذكور من قبل أبي حنيفة هنا بل إنما تكون نظير الخلافية المذكورة من قبل .

( قوله لأن هناك الحق تعلق بعين التركة بدليل أنه لو هلك واستفاد مالا آخر تبطل الوصية ، وفي الألف المرسلة لو هلكت التركة تنفذ فيما يستفاد فلم يكن متعلقا بعين ما تعلق به حق الورثة ) هذا هو الجواب عن النقيض الذي أشار إليه آنفا . قال الزيلعي : في التبيين بعدما نقل ما في الهداية هنا : وهذا ينتقض بالمحاباة فإنها تعلقت بالعين مثله ومع هذا يضرب بما زاد على الثلث ا هـ . أقول : ليس هذا النقض بوارد لأن المحاباة متعلقة بالثمن لا بالعين ، وقد أفصح عنه صاحب الكافي حيث قال : والوصية بالسعاية بمنزلة الدراهم المرسلة ، وكذا بالمحاباة لأنها وصية بالثمن فصارت بمنزلة المال المرسل ا هـ




الخدمات العلمية