الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          وروى [ ص: 320 ] ابن جرير عن قتادة أن هؤلاء الآيات أنزلت في شأن طعمة بن أبيرق ، وفيما هم به نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من عذره ، وبين الله شأن طعمة بن أبيرق ، ووعظ نبيه وحذره أن يكون للخائنين خصيما ، وكان طعمة بن أبيرق رجلا من الأنصار ، ثم أحد بني ظفر سرق درعا لعمه كان وديعة عنده ، ثم قذفها على يهودي كان يغشاهم يقال له زيد بن السمير ، فجاء اليهودي إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يهتف ، فلما رأى ذلك قومه بنو ظفر جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ليعذروا صاحبهم ، وكان نبي الله - عليه السلام - قد هم بعذره حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل فقال : ولا تجادل إلخ ، وكان طعمة قذف بها بريئا ، فلما بين الله شأن طعمة نافق ولحق المشركين بمكة فأنزل الله فيه ومن يشاقق الرسول الآية .

                          وروي عن ابن عباس أن هذه الآيات نزلت في نفر من الأنصار كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته فسرقت لأحدهم درع فأظن بها رجلا من الأنصار ، فأتى صاحب الدرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن طعمة بن أبيرق سرق درعي ، فأت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء وقال لنفر من عشيرته : إني قد غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عندهم ، فانطلقوا إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا فقالوا : يا نبي الله ، إن صاحبنا بريء ، وإن سارق الدرع فلان ، وقد أحطنا بذلك علما فاعذر صاحبنا على رءوس الناس وجادل عنه فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبرأه أو عذره على رءوس الناس فأنزل الله إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ، إلى قوله : وكيلا .

                          وروي عن ابن زيد أن رجلا سرق درعا من حديد وطرحها على يهودي فقال اليهودي : والله ما سرقتها يا أبا القاسم ، ولكن طرحت علي ، وكان للرجل الذي سرق جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون : يا رسول الله هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به ، قال : حتى مال النبي - صلى الله عليه وسلم - ببعض القول ، فعاتبه الله - عز وجل - في ذلك فقال وذكر الآيات ثم قال في الرجل : ويقال : هو طعمة بن أبيرق .

                          وروي عن السدي أنها نزلت في طعمة بن أبيرق استودعه رجل من اليهود درعا فخانه فيها وأخفاها في دار أبي مليك الأنصاري ، وأهان طعمة وأناس من قومه اليهودي لما جاء يطلب درعه ، وجادلت الأنصار عن طعمة ، وطلبوا من النبي أن يجادل عنه إلخ ، وقد اختار أكثر المفسرين أن الخائن هو طعمة وأن اليهودي هو الذي كان صاحب الحق .

                          هذا ما ورد في سبب النزول ، وأما وجه الاتصال والتناسب بين هذه الآيات وما قبلها ، فقد قال فيه الإمام الرازي ما نصه :

                          في كيفية النظم وجوه الأول : أنه تعالى لما شرح أحوال المنافقين على سبيل الاستقصاء ، [ ص: 321 ] ثم اتصل بذلك أمر المحاربة ، واتصل بذكر المحاربة ما يتعلق بها من الأحكام الشرعية مثل قتل المسلم خطأ على ظن أنه كافر ، ومثل بيان صلاة السفر وصلاة الخوف ، رجع الكلام بعد ذلك إلى أحوال المنافقين ، وذكر أنهم كانوا يحاولون أن يحملوا الرسول عليه الصلاة والسلام على أن يحكم بالباطل ويذر الحكم بالحق ، فأطلع الله رسوله عليه وأمره بألا يلتفت إليهم ولا يقبل قولهم في هذا الباب .

                          والوجه الثاني في بيان النظم : أنه تعالى لما بين الأحكام الكثيرة في هذه السورة ، بين أن كل ما عرف بإنزال الله - تعالى - ، وأنه ليس للرسول أن يحيد عن شيء منها ، طلبا لرضا قومه .

                          الوجه الثالث : أنه تعالى لما أمر بالمجاهدة مع الكفار بين أن الأمر وإن كان كذلك لكنه لا تجوز الخيانة معهم ، ولا إلحاق ما لم يفعلوا بهم ، وأن كفر الكافر لا يبيح المسامحة بالنظر له ، بل الواجب في الدين أن يحكم له وعليه بما أنزل الله على رسوله ، وألا يلحق الكافر حيف لأجل أن يرضى المنافق بذلك اهـ .

                          وقال الأستاذ الإمام : بعد أن حذر الله المنافقين من أعداء الحق الذين يحاولون طمسه بإهلاك أهله ، أراد أن يحذرهم مما يخشى على الحق من جهة الغفلة عنه ، وترك العناية بالنظر في حقيقته وترك حفظه ، فإن إهمال العناية بالحق أشد الخطرين عليه ; لأنه يكون سببا لفقد العدل أو تداعي أركانه ، وذلك يفضي إلى هلاك الأمة ، وكذلك إهمال غير العدل من الأصول العامة التي جاء بها الدين ; فالعدو لا يمكنه إهلاك أمة كبيرة وإعدامها ، ولكن ترك الأصول المقومة للأمة كالعدل ، وغيره يهلك كل أمة تهمله ، ولذلك قال [ وذكر الآية الأولى ] .

                          أقول : أما اتصال الآيات بما قبلها مباشرة فالأقرب فيها ما قاله الأستاذ الإمام ، ويمكن بيانه بأنه - تعالى - لما أمر المؤمنين بأن يأخذوا حذرهم من الأعداء ، ويستعدوا لمجاهدتهم حفظا للحق أن يؤتى من الخارج ، أمرهم بأن يقوموا بما يحفظه في نفسه فلا يؤتى من الداخل ، وأن يقيموه على وجهه كما أمر الله - تعالى - ، ولا يحاربوا فيه أحدا ، وأما اتصالها بمجموع ما قبلها فقد علمنا مما مر أن أول السورة في أحكام النساء والبيوت إلى قوله - تعالى - : واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ( 4 : 36 ) ، ومن هذه الآية إلى هنا تنوعت الآيات بالانتقال من الأحكام العامة إلى مجادلة اليهود ، وبيان حالهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين ، وتخلل ذلك الأمر بطاعة الله ورسوله والنعي على المنافقين الذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت كاليهود وتأكيد الأمر بطاعة الرسول ، وبيان أنه - تعالى - لم يبعث رسولا إلا ليطاع ، والترغيب في هذه الطاعة ، ثم انتقل من ذلك إلى أحكام القتال وبيان حال المؤمنين والكافرين والمنافقين فيه ، وقد عاد في هذا السياق أيضا إلى تأكيد طاعة الرسول وحال المنافقين فيها ، فناسب أن ينتقل الكلام من هذا السياق إلى بيان ما يجب على الرسول نفسه أن يحكم به بعد ما حتم الله التحاكم إليه وأمره بطاعته [ ص: 322 ] فيما يحكم ويأمر به ، فكان هذا الانتقال في بيان واقعة اشترك فيها الخصام بين من سبق القول فيهم من أهل الكتاب والمنافقين الذين سبق شرح أحوالهم في الآيات السابقة فقال - عز وجل - : إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله أي : إنا أوحينا إليك هذا القرآن بتحقيق الحق وبيانه لأجل أن تحكم بين الناس بما علمك الله به من الأحكام فاحكم به ولا تكن للخائنين خصيما ، تخاصم عنهم وتناضل دونهم ، وهم طعمة وقومه الذين سرقوا الدرع وأرادوا أن يلصقوا جرمهم باليهودي البريء ، فهو كقوله - تعالى - في السورة الآتية : وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ( 5 : 49 ) ، فالحق هو المطلوب في الحكم سواء كان المحكوم عليه يهوديا أو مجوسيا ، أو مسلما حنيفيا ، قال شيخ المفسرين ابن جرير : بما أراك الله ، يعني بما أنزل الله إليك في كتابه ولا تكن للخائنين خصيما ، يقول : ولا تكن لمن خان مسلما أو معاهدا في نفسه أو ماله خصيما تخاصم عنه وتدافع عنه من طالبه بحقه الذي خانه فيه اهـ ، وتسمية إعلامه - تعالى - لنبيه بالأحكام إراءة يشعر بأن علمه - صلى الله عليه وسلم - بها يقيني كالعلم بما يراه بعينه في الجلاء والوضوح .

                          وقال الأستاذ الإمام : هذه الجملة مستأنفة ، فعطفها على ما قبلها ليس من قبيل عطف المفرد على المفرد المشارك له في الحكم ، بل من قبيل عطف الجملة الابتدائية على جملة قبلها لارتباطهما بالمعنى العام ، والمعنى : ولا تتهاون بتحري الحق اغترارا بلحن الخائنين ، وقوة صلابتهم في الخصومة ; لئلا تكون خصيما لهم وتقع في ورطة الدفاع عنهم ، وهذا الخطاب ليس خاصا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ; بل هو عام لكل من يحكم بين الناس بما أنزل الله كما أمر الله ، أقول : ويؤيد قول الأستاذ الإمام حديث أم سلمة المتفق عليه في الصحيحين والسنن : إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي بنحو مما أسمع ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار .

                          ومن مباحث الأصول في هذه الآية مسألة حكمه - صلى الله عليه وسلم - بالوحي فقط ، أو بالوحي تارة وبالاجتهاد أخرى ، وقد تقدم أن قوله - تعالى - : أراك الله معناه : أعلمك علما يقينيا كالرؤية في القوة والظهور ، وما ذلك إلا الوحي الذي يفهم - صلى الله عليه وسلم - منه مراد الله فهما قطعيا ، وروي أن عمر - رضي الله عنه - كان يقول : " لا يقولن أحدكم قضيت بما أراني الله - تعالى - ، فإن الله - تعالى - لم يجعل ذلك إلا لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وأما أحدنا فرأيه أن يكون ظنا لا علما " ، ذكره الرازي ثم قال :

                          إذا عرفت هذا فنقول : قال المحققون : هذه الآية تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يحكم إلا بالوحي والنص ، ثم فرع عن ذلك أن الاجتهاد ما كان جائزا له ، وإنما [ ص: 323 ] يجب عليه الحكم بالنص ، وذكر أن الأمر باتباعه يقتضي تحريم القياس ، وعدم جوازه لولا أن أجيب عن ذلك بأن القياس ثبت بالنص أيضا .

                          وقال الإمام سليمان بن عبد القوي الطوفي الحنبلي في " كتاب الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية " : لتحكم بين الناس بما أراك الله ، يحتمل أن المراد بما نصه لك في الكتاب ، ويحتمل أن المراد بما أراكه بواسطة نظرك واجتهادك في أحكام الكتاب وأدلته ، وفيه على هذا دليل على أنه - عليه السلام - كان يجتهد فيما لا نص عنده فيه من الحوادث وهي مسألة خلاف في أصول الفقه .

                          " حجة من أجاز هذه الآية أن الاجتهاد في الأحكام منصب كمال ، فلا ينبغي أن يفوته - صلى الله عليه وسلم - ، وقد دل على وقوعه منه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لو قلت نعم لوجب ولو سمعت شعره قبل قتله لم أقتله " ، في قضيتين مشهورتين .

                          حجة المانع : وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ( 53 : 3 ، 4 ) ، ولأنه قادر على يقين الوحي ، والاجتهاد لا يفيد اليقين لجوازه في حقه ، والحالة هذه كالتيمم مع القدرة على الماء .

                          " ثم على القول الأول ، وهو أن الاجتهاد جائز له ، هل يقع منه الخطأ فيه أم لا ؟ فيه قولان للأصوليين أحدهما : لا ، لعصمته ، والثاني : نعم بشرط ألا يقر عليه استدلالا بنحو عفا الله عنك لم أذنت لهم ( 9 : 43 ) ، و ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ( 8 : 67 ) ، ونحو ذلك .

                          ويتعلق بهذا مسألة التفويض ، وهو أنه هل يجوز أن يفوض الله - عز وجل - إلى نبي حكم أمة بأن يقول : احكم بينهم باجتهادك وما حكمت به فهو حق ، أو وأنت لا تحكم إلا بالحق ؟ فيه قولان : أقر بهما الجواز ، وهو قول موسى بن عمران من الأصوليين ; لأنه مضمون له إصابة الحق ، وكل مضمون له ذلك ، جاز له الحكم .

                          أو يقال : هذا التفويض لا محذور فيه ، وكل ما كان كذلك كان جائزا انتهى كلام الطوفي .

                          أقول : الآية في الحكم بكتاب الله لا في الاجتهاد ، ولكنها لا تدل على منع الاجتهاد ، ولا عليه أيضا وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ; لأن هذا في القرآن خاصة ، وإلا كان كل كلامه - عليه الصلاة والسلام - وحيا ، وقد ورد أن الوحي كان ينقطع أياما متعددة ، وأنه كان يسأل عن الشيء فينتظر الوحي ، كما كان يسأل أحيانا فيجيب من غير انتظار للوحي .

                          واستغفر الله قال ابن جرير : " وسله أن يصفح لك عن عقوبة ذنبك في مخاصمتك عن [ ص: 324 ] الخائن " ، وأورد الرازي في الاستغفار ثلاثة وجوه :

                          1 - لعله مال إلى نصرة ( طعمة ) لأنه في الظاهر من المسلمين .

                          2 - لعله هم أن يحكم على اليهودي عملا بشهادة قوم طعمة التي لم يكذبها شيء حتى نزل الوحي ، فعلم أنه لو حكم لوقع قضاؤه خطأ لبنائه على كذب القوم وزورهم ، وكل من هذين الأمرين مما يستغفر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - والذنب فيه من قبيل قولهم : حسنات الأبرار سيئات المقربين .

                          3 - يحتمل أن المراد : واستغفر الله لأولئك الذين يذبون عن طعمة ويريدون أن يظهروا براءته ، انتهى ملخصا .

                          وقال الأستاذ الإمام واستغفر الله مما يعرض لك من شئون البشر من نحو ميل إلى من تراه ألحن بحجته ، أو الركون إلى مسلم لأجل إسلامه تحسينا للظن به ، فإن ذلك قد يوقع الاشتباه ، وتكون صورة صاحبه صورة من أتى الذنب الذي يوجب له الاستغفار ، وإن لم يكن متعمدا للزيغ عن العدل ، والتحيز إلى الخصم ، فهذا من زيادة الحرص على الحق ، كأن مجرد الالتفات إلى قول المخادع كاف إلى وجوب الاحتراس منه ، وناهيك بما في ذلك من التشديد فيه .

                          أقول : ظاهر الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مال إلى تصديق المسلمين وإدانة اليهودي لما كان يغلب على المسلمين في ذلك العهد من الصدق والأمانة ، وعلى اليهود من الكذب والخيانة ; ولذلك قال العلماء في القديم والحديث : إن أولئك المسلمين ، لم يكونوا إلا منافقين ; لأن مثل عمل طعمة وتأييد من أيده فيه لا يصدر عمدا إلا من منافق ، وتبع ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - ود لو يكون الفلج بالحق في الخصومة للمسلمين الذين يرجح صدقهم ، فأراد أن يساعدهم على ذلك ، ولكنه لم يفعل انتظارا لوحي الله - تعالى - ، فعلمه الله - تعالى - بهذه الآيات وعلمنا أن الاعتقاد الشخصي ، والميل الفطري والديني ، لا ينبغي أن يظهر لهما أثر ما في مجلس القضاء ، ولا أن يساعد القاضي من يظن أنه هو صاحب الحق ، بل عليه أن يساوي بين الخصمين في كل شيء ، وإذا كان هذا هو الواجب ، وكان ذلك الميل إلى تأييد من غلب على الظن صدقه يفضي إلى مساعدته في الخصومة فيكون الحاكم خصيما عنه لو فعل ، وإذا كان طلب الانتصار لهم من الخائنين في الواقع ونفس الأمر في هذه القضية ، فقد وجب الاستغفار من هذا الاجتهاد وحسن الظن فهذا أحسن ما يوجه به ما ذهب إليه الرازي على تقدير صحة الرواية في سبب نزول الآيات ، وما قاله الأستاذ الإمام أبلغ في تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يليق به ، أما العصمة فلا ينقضها شيء مما ورد ولا الأمر بالاستغفار ; لأن الأنبياء معصومون من الحكم أو العمل بغير ما أوحاه الله - تعالى - إليهم أو ما يرون باجتهادهم أنه الصواب ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم في هذه القضية قبل نزول الآيات بشيء ، ولم يعمل بغير ما يعتقد أنه تأييد للحق ، ولكنه أحسن الظن في [ ص: 325 ] أمر بين له علام الغيوب حقيقة الواقع فيه وما ينبغي له في معاملة ذويه إن الله كان غفورا رحيما ، أي : كان شأنه ذلك ، وتقدم شرح مثل هذه الجملة مرارا .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية