الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 295 ] أو استنكحه الشك ولهي عنه : كطول بمحل لم يشرع به على الأظهر ، [ ص: 296 ] وإن بعد شهر . بإحرام ، وتشهد . وسلام جهرا

التالي السابق


( أو استنكحه ) أي كثر منه ( الشك ) في النقص بأن يحصل له كل يوم مرة فيسجد بعد سلامه ( ولهي ) بكسر الهاء وفتحها أي أعرض ( عنه ) وجوبا وبنى على التمام إذ لا دواء له مثل الإعراض عنه .

فإن قيل إذا بنى على التمام فلا وجه للسجود بعد السلام لعدم الزيادة ، قيل أنه لترغيم الشيطان ففي صحيح مسلم وغيره { إذا سجد ابن آدم انعزل الشيطان في ناحية يبكي يقول يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فامتثل فله الجنة وأمر هو به فأبى فله النار } بضمير المتكلم في ويل وأمروا بي وفله . وظاهر المصنف أن سجود مستنكح الشك سنة . وقال عبد الوهاب مستحب ولكنه من العراقيين الذين يطلقون المستحب على ما يشمل السنة فليس تعبيره نصا في مخالفة ظاهر المصنف .

وشبه في السجود بعد السلام فقال ( كطول ) عمدا للتذكر عند الشك في النقص ( بمحل ) من الصلاة ( لم يشرع ) الطول ( به ) كقيام عقب ركوع وجلوس بين سجدتين واستيفاز القيام بزيادة على الطمأنينة الواجبة والسنة زيادة بينة فيسجد له بعد السلام ( على ) القول ( الأظهر ) عند ابن رشد من الخلاف . وأما الطول به سهوا فالسجود له بعده متفق عليه لأنه على القاعدة ، فإن طول بمحل يشرع الطول فيه كركوع وسجود وجلوس [ ص: 296 ] وتشهد وقيام قراءة فلا سجود له إلا أن يتفاحش . في المنتقى من شك في صلاته لزمه أن يتمهل ليتذكر ما سها عنه فإن تذكر سهوا كمل على ما سبق . وإن تبين له أنه لم يسه فلا شيء عليه إذا لم يطول في تمهله ، فإن طال فابن القاسم لم ير سجوده مطلقا وسحنون رآه مطلقا .

وفرق أشهب فرأى سجوده حيث طول بمحل لم يشرع فيه التطويل وعدمه حيث طول بمحل شرع فيه التطويل ابن رشد ، وهذا أصح الأقوال فإن طول فيما لم يشرع فيه التطويل عبثا أو لتذكر شيء غير متعلق بالصلاة فالظاهر عدم البطلان والسجود بالأولى ما لم يتفاحش قاله العدوي . ومحل السجود إذا طول بما لم يشرع فيه التطويل حيث ترتب على الطول ترك سنة كتطويل رفع من ركوع أو بين سجدتين أو من ثانيتهما إذ عدمه فيها سنة .

فإن ترتب عليه ترك مستحب كتطويل الجلوس الأول فلا سجود له إذ لا سجود لترك مستحب فإن قيل هذا يقتضي أن السجود قبل السلام للنقص مع الزيادة . أجيب بأن السجود القبلي إنما يطلب لترك سنة وجودية لأنه نقص . والسنة هنا عدمية فتركها زيادة لا نقص فلذا كان بعديا ويسجد البعدي إن ذكره بالقرب بل ( وإن ) ذكره ( بعد شهر ) أو أكثر لأنه لترغيم الشيطان ( بإحرام ) أي نية وجوبا شرطا ( وتشهد ) استنانا كتكبير هوى ورفع ( وسلام ) عقب التشهد وجوبا غير شرط ( جهرا ) استنانا والقبلي إن سجده قبله فلا يحتاج لنية لانسحاب نية الصلاة عليه . وإن أخره عنه صار بعديا .




الخدمات العلمية