الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ البحث عن مخصص عند ضيق الوقت ]

                                                      الأمر التاسع : أطلقوا الخلاف ليشمل ما إذا ضاق الوقت ; وقال أبو نصر بن الصباغ في كتاب " عدة العالم " له في أصول الفقه : إن اللفظ العام إن اقتضى عملا مؤقتا وضاق الوقت : عن طلب الخصوص ، فهل يعمل به أو يتوقف ؟ قال : فيه خلاف لأصحابنا . وهذا فيه رد على من حكى الإجماع في مثل هذه الحالة كما سبق ، ونظيره أن المجتهد هل يقلد عند ضيق الوقت ؟ جوزه ابن سريج ، وقال : لا يجوز أن يفتى به . وقال الرافعي : وقياسه أنه لا يجوز له القضاء وأولى . ومنهم من طرد قول ابن سريج في القضاء . قال الرافعي : ومن قال به فقياسه طرده في الفتوى .

                                                      الأمر العاشر : أن هذا الخلاف لا يختص بالعموم ، بل يجري في لفظ الأمر والنهي إذا وردا مطلقين ، كما ذكره الشيخ أبو حامد الإسفراييني ، وسليم الرازي في " التقريب " وابن الصباغ في " العدة " ، وكذلك الحقيقة إذا [ ص: 71 ] وردت : هل يطلب لها مجاز أم لا ؟ وعممه الغزالي وابن الحاجب في كل دليل مع معارضه . قال الغزالي : وكذلك كل دليل يمكن أن يعارضه دليل ، فهو دليل بشرط السلامة عن المعارض ، وكذلك الجمع بين الأصل والفرع لعلة تحيله بشرط أن لا ينقدح فرق ، فعليه البحث عن الفوارق جهده ، ونفيها ، ثم يحكم بالقياس ، وكذلك الاستصحاب ، وكل ما هو مشروط بنفي دليل آخر . انتهى . لكن نقل بعضهم هنا الإجماع على أنه لا يجب عند سماع الحقيقة طلب المجاز ، وإن وجب عند سماع العام البحث عن الخاص ; لأن تطرق التخصيص إلى العمومات أكثر ، وهو ظاهر استدلال البيضاوي في " المناهج " ، وسبق في بحث الحقيقة .

                                                      الحادي عشر : أن كلام القاضي الحسين يقتضي أن الخلاف في هذا الأصل إنما هو في التوقف لأجل طلب التخصيص خاصة ، وأما الإمضاء فلا خلاف فيه ، فإنه قال في تعليقه قبيل كتاب القاضي إلى القاضي : إن القاضي يتوقف في أحوال الشهود ، ولا يتوقف لطلب الجرح أو طلب العدالة وجهان . وكذلك اختلف أصحابنا في العموم إذا ورد ، قال بعضهم : ظاهر الاستغراق ، إلا أن يقوم دليل التخصيص ومنهم من قال : يتوقف فيه طلبا للتخصيص لا طلبا للإمضاء . انتهى . وبهذا التصوير يرتفع الإشكال في المسألة وإذا انضم إلى ما سبق خرج في المسألة طرق كثيرة .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية