الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
وأشار إلى الوصية الرابعة بقوله : مطلب : لا يسكن الرجل في دار زوجته عند أهلها : ولا تسكنن في دارها عند أهلها تسمع إذن أنواع من متعدد ( ولا تسكنن ) أنت بها ( في دارها عند أهلها ) فإنك إن فعلت ذلك ( تسمع ) بضم التاء المثناة فوق وتشديد الميم مبنيا للمجهول أي تسمعك هي وسفهاء أهلها ( إذن ) أي بسبب سكناك في دار عند أهلها ( أنواع ) جمع نوع وحذف تنوينه ضرورة ( من ) أذى ( متعدد ) من شتم وسب ومنة وأذية لعزها وذلك ، وغناها وفقرك ، واعتضادها بأهلها ووحدتك ، فهي لرعونتها تشمخ عليك وتتفضل ، وأنت لديها تتضرع وتتذلل .

فمن كانت هذه ، وإلى هذا الحد صار مآله ، فلا خير في حياته ، وسحقا له وللذاته . ولهذا قال الناظم رحمه الله تعالى :     فلا خير فيمن كان في فضل عرسه
يروح على هون إليها ويغتدي ( فلا خير ) ولا نجابة ولا رشد ولا إصابة ( فيمن ) أي في رجل ( كان ) هو ( في فضل عرسه ) أي زوجته فكان ناقصة اسمها ضمير يعود على من وفي فضل جار ومجرور خبرها .

قال في القاموس : العروس الرجل والمرأة ما داما في أعراسهما ، وهم عرس ، وهن عرائس انتهى .

وقال في لغة الإقناع : العرس بالضم الزفاف وهو مذكر ; لأنه اسم للطعام ، والعروس وصف يستوي فيه الذكر والأنثى ما داما في أعراسهما . وجمع الرجل عرس بضمتين مثل رسول ورسل ، وجمع المرأة عرائس ، وعرس الرجل عن الجماع يعرس من باب تعب كل وأعيا ، وأعرس [ ص: 394 ] بامرأته بالألف دخل بها ، وأعرس عمل عرسا ، وعرس المسافر بالتثقيل إذا نزل ليستريح ثم يرتحل ، والاسم التعريس . انتهى .

وفي القاموس : والعرس بالكسر امرأة الرجل ورجلها والجمع أعراس ، والله الموفق . والمعنى : أن من كان من الرجال في فضل امرأته يكون مسلوب الخيرية لأنه قد عكس الفطرة التي فطر الله الناس عليها من كون الرجال قوامين على النساء وللرجال عليهن درجة .

وأما هذا فصارت هي قائمة عليه ولها عليه مزية الإنفاق عليه والإحسان إليه . فهو ( يروح ) أي يرجع ( على هون ) أي ذل وخضوع يقال : هان هونا بالضم وهوانا ومهانة ذل فهو ذليل في إيابه ( إليها ) لاحتياجه لما في يديها ( ويغتدي ) أي يذهب كذلك ، فالذل ملازم له ذهابا وإيابا ; لأن من احتاج إلى شيء ذل لمن حاجته عنده ، وهذا ينبغي أن يكون من أوصاف الزوجة لا من أوصاف الرجل ، ولكن هذا لما سلب الخيرية ، وصفات الرجولية ورضي بالذل والهوان ، وألف الراحة ، وتوسد الراحة ، كان بمنزلة النسوان ، والفتايا لا الفتيان . والله ولي الإحسان .

التالي السابق


الخدمات العلمية