الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7151 ) فصل : ولا تغريب على عبد ولا أمة . وبهذا قال الحسن ، وحماد ، ومالك وإسحاق . وقال الثوري ، وأبو ثور : يغرب نصف عام ; لقوله تعالى : { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } وحد ابن عمر مملوكة له ، ونفاها إلى فدك . وعن الشافعي قولان كالمذهبين . واحتج من أوجبه بعموم قوله عليه السلام : { البكر بالبكر ، جلد مائة وتغريب عام } .

                                                                                                                                            ولنا ، الحديث المذكور في حجتنا ، ولم يذكر فيه تغريبا ، ولو كان واجبا لذكره ; لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقته ، وحديث علي رضي الله عنه { أنه قال : يا أيها الناس ، أقيموا على أرقائكم الحد ، من أحصن منهم ، ومن لم يحصن ; فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت ، فأمرني أن أجلدها } . وذكر الحديث . رواه أبو داود ، ولم يذكر أنه غربها . وأما الآية ، فإنها حجة لنا ; لأن العذاب المذكور في القرآن مائة جلدة لا غير ، فينصرف التنصيف إليه دون غيره ; بدليل أنه لم ينصرف إلى تنصيف الرجم ، ولأن التغريب في حق العبد عقوبة لسيده دونه ، فلم يجب في الزنى ، كالتغريم ، بيان ذلك ، أن العبد لا ضرر عليه في تغريبه ; لأنه غريب في موضعه ، ويترفه بتغريبه من الخدمة ، ويتضرر سيده بتفويت خدمته ، والخطر بخروجه من تحت يده ، والكلفة في حفظه ، والإنفاق عليه مع بعده عنه ، فيصير الحد مشروعا في حق غير الزاني ، والضرر على غير الجاني ، وما فعل ابن عمر ، ففي حق نفسه وإسقاط حقه ، وله فعل ذلك من غير زنى ولا جناية ، فلا يكون حجة في حق غيره

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية