الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " وليس للحامل المتوفى عنها نفقة ، قال جابر بن عبد الله : لا نفقة لها حسبها الميراث ( قال الشافعي ) رحمه الله : لأن مالكه قد انقطع بالموت ( قال المزني ) : هذا خلاف قوله في الباب الثاني وهو أصح ، وهو في الباب الثالث مشروح " . قال الماوردي : وهذا كما قال : لا نفقة للمتوفى عنها زوجها حاملا كانت أو حائلا . وبه قال كثير من الصحابة ، وجمهور التابعين ، والفقهاء ، وحكي عن علي عليه السلام وابن عمر أن لها النفقة إذا كانت حاملا لقول الله : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن [ الطلاق : 6 ] وكالمطلقة الحامل واعتبارا بوجوب السكنى . والدليل على أن لا نفقة لها قول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما النفقة للتي يملك زوجها رجعتها وليس على المتوفى عنها رجعة ، فلم يكن لها نفقة : ولأن وجوب النفقة متجدد مع الأوقات فوجب أن يسقط بالوفاة كنفقات الأقارب ؛ ولأن استحقاقها للنفقة [ ص: 238 ] لا يخلو أن يكون لحملها ، أو لها ، فإن كان لها فهي لا تستحقها لو كانت حائلا فكذلك إذا كانت حاملا ؛ لأنها في مقابلة التمكين المرتفع بالموت ، وإن كانت بحملها فالحمل لو ولد لم يستحق نفقة ، فقبل الولادة أولى أن لا يستحقها : لأنه قد صار وارثا في الحالين ، وقد انقطع ملك الأب في الحالين : ولأن أجرة الرضاع تالية لوجوب النفقة لقوله : فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن [ الطلاق : 6 ] فلما سقطت أجرة الرضاع بالموت سقطت به النفقة . فأما الاستدلال بالآية فهي خطاب للأزواج ولا يتوجه إلى الميت خطاب فصارت محمولة على الطلاق اعتبارا بأجرة الرضاع ، ولهذا المعنى فرقنا بين عدة الطلاق والوفاة . وأما السكنى ففيه قولان : أحدهما : أنه غير مستحق كالنفقة فاستويا . والقول الثاني : أنه مستحق بخلاف النفقة . والفرق بينهما أن النفقة من حقوق الآدميين : لأنهما لو اتفقا على تركها سقطت ، والسكنى من حقوق الله تعالى : لأنها لو اتفقا على تركه والخروج من مسكنها لم يسقط ، فافترقا في الوجوب لافتراقهما في التغليظ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية