الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3265 حدثنا ابن بكير حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم تابعه عقيل والأوزاعي

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث العاشر قوله : ( عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري ) هو أبو محمد بن عياش الأقرع ، قال ابن حبان هو مولى امرأة من غفار وقيل له مولى أبي قتادة لملازمته له . قلت : وليس له عن أبي هريرة في الصحيح سوى هذا الحديث الواحد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ) سقط قوله : " فيكم " من رواية أبي ذر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تابعه عقيل والأوزاعي ) يعني تابعا يونس عن ابن شهاب في هذا الحديث ، فأما متابعة عقيل فوصلها ابن منده في " كتاب الإيمان " من طريق الليث عنه ولفظه مثل سياق أبي ذر سواء ، وأما متابعة الأوزاعي فوصلها ابن منده أيضا وابن حبان ، والبيهقي في " البعث ، وابن الأعرابي في معجمه من طرق عنه ولفظه مثل رواية يونس ، وقد أخرجه مسلم من طريق ابن أبي ذئب عن ابن شهاب بلفظ " وأمكم منكم ، قال الوليد بن مسلم : فقلت لابن أبي ذئب إن الأوزاعي حدثنا عن الزهري فقال : " وإمامكم منكم " قال ابن أبي ذئب أتدري ما أمكم منكم ؟ قلت تخبرني ؟ قال : فأمكم بكتاب ربكم . وأخرجه مسلم من رواية ابن أخي الزهري عن عمه بلفظ كيف بكم إذا نزل فيكم ابن مريم فأمكم وعند أحمد من حديث جابر في قصة الدجال ونزول عيسى وإذا هم بعيسى ، فيقال تقدم يا روح الله ، فيقول ليتقدم إمامكم فليصل بكم ولابن ماجه في حديث أبي أمامة الطويل في الدجال قال : وكلهم أي المسلمون ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح قد تقدم ليصلي بهم ، إذ نزل عيسى فرجع الإمام ينكص ليتقدم عيسى ، فيقف عيسى بين كتفيه ثم يقول : تقدم فإنها لك أقيمت وقال أبو الحسن الخسعي الآبدي في مناقب الشافعي : تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه ، ذكر ذلك ردا للحديث الذي أخرجه ابن ماجه عن أنس وفيه ولا مهدي إلا عيسى وقال أبو ذر الهروي : حدثنا الجوزقي عن بعض المتقدمين قال : معنى قوله : " وإمامكم منكم " يعني أنه يحكم بالقرآن لا بالإنجيل . وقال ابن التين : معنى قوله : " وإمامكم منكم " أن الشريعة المحمدية [ ص: 570 ] متصلة إلى يوم القيامة ، وأن في كل قرن طائفة من أهل العلم . وهذا والذي قبله لا يبين كون عيسى إذا نزل يكون إماما أو مأموما ، وعلى تقدير أن يكون عيسى إماما فمعناه أنه يصير معكم بالجماعة من هذه الأمة . قال الطيبي : المعنى يؤمكم عيسى حال كونه في دينكم . ويعكر عليه قوله في حديث آخر عند مسلم فيقال له : صل لنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة وقال ابن الجوزي : لو تقدم عيسى إماما لوقع في النفس إشكال ولقيل : أتراه تقدم نائبا أو مبتدئا شرعا ، فصلى مأموما لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجه قوله : لا نبي بعدي . وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة . والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية